أحمد الفراج

يتردد اسم المناضل الأسود، مارتن لوثر كينج، كثيراً في منصات الإعلام الأمريكي حالياً، بعد حادثة مقتل مواطن أسود على يد رجل شرطة أبيض في مدينة مينيابلس بولاية مينيسوتا، فكنج هو أحد أبطال ثورة السود في ستينات القرن الماضي، واشتهر بفصاحته، ويكفي خطبته التاريخية: «عندي حلم»، وهي الخطبة التي يتردد صداها حتى اليوم، ولأنه صاحب كاريزما قوية، فقد استطاع حشد العرق الأسود وراءه، في فترة حرجة من التاريخ الأمريكي، إذ إن السود كانوا قد وصلوا مرحلة بائسة من جراء سياسة الفصل العنصري في ولايات الجنوب الأمريكي، وهي ولايات لا تزال محافظة حتى اليوم، فهي معقل جمهور ترمب، وساحته المفضلة، ولا شك أن نشاط مارتن لوثر كنج كان يغضب العنصريين البيض، الذين كانوا يكرهونه بشدّة، ولكنه كان ذو بأس شديد، تحمل كل ما حدث له ولأنصاره من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة، وحتى من قبل بعض المتطرفين في مؤسسات حكومية رسمية، مثل الشرطة والقضاء وغيرها.

كان مدير المباحث الفيدرالية في ذلك الزمن البعيد هو الرجل الشرس، ادجار هوفر، الذي كان يكره السود، ويكره مارتن لوثر كنج على وجه التحديد، ولذا عمل على تشويه صورته، ربما من منطلق عنصري، وربما لأنه، وكمسؤول أمني كبير، كان يراه تهديدًا للسلم الاجتماعي، رغم أن كنج كان ينادي بالحقوق بطرق سلمية، على طريقة غاندي بالهند، واستغل هوفر نقطة ضعف كنج الكبرى، وهي نزواته خارج إطار الزواج، فسجّلها وعرضها على مسؤولي الحكومة بمن فيهم الرئيس، كما اتهمه بالانتماء للشيوعية، وفي نهاية المطاف تم اغتيال كنج، في مدينة منفس بولاية تينيسي الجنوبية، وهو في عمر التاسعة والثلاثين، وهناك قناعة شبه مؤكدة لدى المؤرّخين والمعلقين أن الاغتيال كان مدبرًا، ووراءه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي هوفر ذاته، الذي كان كرهه لكنج يفوق كل تصور، واليوم يردّد المعلقون على منصات الإعلام المنحاز اسم كنج كثيراً، وذلك لتحريض المتظاهرين في ساحات المدن الكبرى، وشتّان ما بين كنج، المناضل في الساحات مع الشعب، وبين مناضلي منصات الإعلام اليوم، الذين لو قدّر لكنج أن يعود للحياة لتبرأ منهم، فقد كان داعية سلام وليس محرضاً مثلهم.