بدأت التحقيقات القانونية التي تتبَّعت مصادر دخل الفاشينستات لأشهر عديدة، تشير إلى قضايا فساد وغسيل أموال ،وما يرتبط بها من تجارة مخدرات ودعارة وتجارة أعضاء، بل وقضايا إرهاب ارتبطت بأسماء جماعات مسلحة وأحزاب سياسية خطرة في المنطقة.

وبذلك يصبح الوضع قابلاً للتفسير، لأن جميع العمليات الحسابية وجميع قوانين التجارة التي قعّدت لها أعرق الجامعات العالمية، ورسختها التجارب التاريخية، عجزت عن فك المعادلة الرياضية التي مكَّنت تلك الفتيات من الحصول على دخل شهري يتجاوز المليون دولار، لمجرد الترويج لأحمر شفاه أو مطعم فاخر أو غرفة في فندق 5 نجوم، تلك السلع والأماكن التي لا تحصد دخلاً سنوياً بالقدر الذي تحصده واحدة من كبار الفاشينستات، بل إن السلعة في حد ذاتها (أحمر شفاه مثلاً) لا يمكن أن يتناسب سعرها مع سعر الإعلان الذي تتقاضاه الفاشنستا.

وكان بإمكان تلك الفتيات التحفظ على مستوى دخلهن، لكنَّهنَّ بالغن كثيراً في إظهار الثراء الأسطوري، في التباهي بهواتف الذهب الخالص عيار (24)، واقتناء أكثر من سيارة فارهة في أقل من شهر، وامتلاك الساعات والمجوهرات الكثيرة والنفيسة.

ذلك الأسلوب في الكسب الذي لا يتناسب مع مواهبهن وذكائهن المحدودَين، الذي لا يمكن أن يقارن مع أثرياء العالم، مثل: الأمير الوليد بن طلال وبيل غيتس ومايكل بلومبيرغ وجيفري بريستن، الذين اجتهدوا وابتكروا لكسب ثرواتهم.

كيف كشفن أنفسهن؟ ببساطة الفاشينستا هي شخصية نرجسية، تجمع بين حب الشهرة وحب الثروة، فالثروة لا قيمة لها إن لم تباهِ بها، ولأنهن محدودات المواهب فلا سبيل للشهرة لديهن إلا باستفزاز مشاعر الناس والإعلان عن امتلاك ما لا يمتلكه كبار التجار والأثرياء في البلد، فالشخصيات النرجسية محدودة الوعي والذكاء، تنتهي بأن تورّط نفسها في مشكلات خطرة.

أخطر ما صرَّح به أحد المحامين المتخصصين في قضايا غسيل الأموال: «إن بعض الفتيات المتورطات في قضايا غسيل الأموال، إن تمكَّنَّ من النجاة باستغلال النفوذ والعلاقات، فإنهن قد يتعرضن للتصفية لامتلاكهن معلومات خطرة تتعلق بتجار مخدِّرات أو إرهابيين أو تجار أعضاء بشرية»، وكشف أن أسباب قتل بعض فاشينستات العراق كانت لتورطهن في قضايا غسيل أموال مع جهات خطرة.

سنتابع نهاية رواية الفاشينستات، وسنعلِّم أبناءنا والأجيال الجديدة أن الثراء الفاحش ليس طموحاً، وأن المال ليس هو السعادة، وأن استفزاز مشاعر الناس ليست وسيلة سوية للشهرة، وأن السعادة الحقيقية هي أن تكسب مالك، كثيراً كان أو قليلاً، من إنجازك وإبداعك واستثمار مواهبك.