ها نحن وبعد مرور زهاء العامين على إطلاق مبادرة ملتقى الفيديو آرت الدولي الأول من نوعه، ما زالت المنطقة تشهد حركية مكثّفة على هذا الفن المعاصر، خاصة وأن النشاط الموازي للملتقى طيلة العام ركّز برامجه على المعارض والندوات وحلقات النقاش التي تعرّف بهذا الفن وتأثيره على المتلقي وارتباطه بالتكنولوجيا والتقنية والعلم والفنون ما بعد الحداثة.

وخلال ذلك، استقبلت جمعية الثقافة والفنون بالدمام أكثر من 360 فيديو آرت من معظم دول العالم، وأصبح الملتقى غاية لكل فنان ممارس لهذا الفن، وتأتي تجربة معرض عودة الافتراضي الذي عرض أعماله الخميس الماضي، حقّق حضورا تجاوز 2000 مشاهد في أيامه الثلاثة، وبمشاركة 30 عملا من 17 دولة.

وليس بغريب أن يكون لهذا الفن كل هذا الإقبال والشغف والرغبة في الاطلاع والاكتشاف، فالعالم كله تقريبا يقبل بشكل فضولي على معرفة أكثر التقنيات الجديدة التي وظّفت في إنجاز هذا الفن، وكيف أوصل الفنان رؤى التقنيات المعاصرة مع المفاهيم الفنية والجمالية، وبالتالي حمل هذا الفن الكثير من التساؤلات والكثير من التفسيرات لمختلف الرؤى التي يقدّمها، خاصة وأنه يقدّم رسائل بصرية بسيطة وفي نفس الوقت لها علاماتها التعبيرية المختصرة والتي تقدّم صورا مبنية على الحركة والأداء والمؤثرات الصوتية، فهذا الفن الذي وصف في مرحلة ما من بداية ظهوره بالفن الهجين أصبح عالما جماليا مستقلا بذاته وله مقاييسه وتصوراته وبالتالي ساعدته الابتكارات التقنية وعالم التكنولوجيا الرقمية والوسائط الذكية على أن يكون مفتاح عصره وركيزة الفن المعاصر في مرحلة ما بعد الحداثة.

ولعل كل ما تم تقديمه أريد من خلاله إثبات فكرة مدى شغف الفنان السعودي بالمواكبة والتجريب على المستوى الفني، وعلى صعيد المتابعة لكل ما هو بصري، فعالم الصورة والحركة والألوان والأضواء له تأثيره على المتابعة، خاصة إذا ما كانت المتابعة قادرة على تقديم القراءة والتفسير والمعلومة البسيطة والممتعة.

ولعل التجارب السعودية على المستوى الفني تشهد الكثير من التطوير والنهضة، إذ تحاكي التجارب العالمية دون المساس بخصوصيتها وهو ما يجعل المشاركات الدولية جدا مهمة لأغلب فناني الفيديو من السعودية.

وهذه المشاركة والإقبال تحتاج أن يسلّط عليها المزيد من الضوء داخليا، بما يضمن تخصيص الفضاءات للفنان للعرض خاصة وأن الفيديو آرت له خصوصية تتعلق بعرضه وتقنياته في الغرف والأضواء والشاشات والسماعات وغيرها؛ ما يضمن نجاح المعارض وتسهيل سبل التعرف على المنجز الفني لدى المتلقي، فالتنوّع والتجريب والعرض والإقبال يحفّز بدوره الفنانين العالميين على الرغبة في المشاركة في الملتقيات السعودية الوطنية، بأعمالهم وتجاربهم وبخبراتهم وهي نقطة تلاقي وانفتاح وتنوّع، من شأنه أن يعلي من قيمة وأهمية هذا الفن، ويضفي حيوية أكثر ونشاطا قادرا على ترك أثر وبصمة فنية ثقافية معاصرة للفنون والثقافة السعودية.

yousifalharbi@