لا شك أن انتخابات مجلس الأمة 2020 ستكون واحدة من أسوأ الانتخابات في تاريخ الكويت السياسي، وأن هذا المجلس باعتقادي، لن يعيش في أفضل الأحوال أكثر من عام واحد فقط، فاستعدوا لسنة ممتلئة بالأحداث الكبرى.

عمليا لن تكون هناك حملات انتخابية حقيقية بسبب جائحة كورونا، وكل ما سيكون مجرد لقاءات منمقة ومدفوعة الأجر في القنوات الفضائية، وقنوات اليوتيوب.

أما الحملات الدعائية في شبكات التواصل الاجتماعي، فستجتاح الحسابات كما لو كانت تسونامي خطابات لن تترك مجالًا للتفكير بما يطرح، فمعظم المرشحين سيحرصون على الكلام الدعائي المرسل، مع إخراج احترافي لمقاطع الفيديو سيظهر المرشح كما لو كان مارتن لوثر كينغ.

وفي ظل هذه الأجواء الدعائية التي لن تتضمن لقاءات مباشرة بين المرشحين والناخبين، ستتلاشى أي فرصة لاختبار قدرات المرشحين على مخاطبة الناس بشكل مباشر، لهذا لن يكون بالإمكان الحكم على قدراتهم السياسية.

ويتوازى مع هذا الجو العام غير الصحي انتخابيا، صراع سياسي غير مسبوق تجاوز كل الأسقف، والخطوط الحمراء التي كانت تحكم الخلاف السياسي في الكويت، فهناك طرف يتهم خصومه بأنهم «دولة عميقة» تسيطر على مفاصل البلد، وطرف آخر يتهم خصومه بأنهم «فئة ضالة» تستهدف استقرار الوطن.

ما ظنكم في انتخابات ستجرى في ظل هذه المواجهة العنيفة التي خرجت عن قواعد اللعبة السياسية الكويتية، وفي ظل إعلام في غالبه موجه وغير مهني، وفي ظل شبكات تواصل اجتماعي تحولت إلى حقول ألغام متواصلة الانفجار؟

في هذه اللحظات التاريخية الفارقة يتطلع كثيرون ممن يخشون على مصير الكويت من هذا العبث والعشوائية إلى الحكماء في هذا البلد، ليكون لهم دور واضح في تهدئة التشنج المتصاعد، وفي منع الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه.

الخلاف السياسي يجب أن ينحصر في الأطر السياسية من دون فقدان التعقل، ومن دون الاندفاع نحو تجييش كل الإمكانات لضرب الخصوم، فالمسألة لا تتعلق بأعداء، إنما بخصوم سياسيين يفترض أن يديروا خلافاتهم مهما تأزمت عبر قواعد اللعبة السياسية، وعبر آليات تضمن عدم تحول هذه الخلافات إلى فتنة قد تعرض الكويت بأسرها إلى أزمات وتوترات غير مسبوقة.

نعم هناك حلول كثيرة مطلوبة، وهناك استغلال بشع من قبل السلطة التنفيذية والقوى السياسية والمجتمعية للحالة الضبابية التي تعيشها الكويت، وصوت المصلحين لا يكاد يكون مسموعا، ولكن ومع كل ذلك لا بديل عن البحث عن حلول وسطى، تخفف من اندفاع البعض الرهيب نحو المواجهة، فنحن بلد صغير، وشعب صغير، ولا مكان هنا لاصطناع البطولات الزائفة.