بدون مُدرّجات ملاعب مُعبّأة بالجماهير كما تُعبّأ العُلب بسمك السردين، فقدت كرة القدم كثيراً من جمالها وسحرها وإثارتها، فما بالكم والمُدرّجات فارغة تماماً بل وخاوية على عروشها بسبب الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا المتفشّى؟.

بالأمس كُنْتُ أشاهد مباراة نادي الهلال السعودي ونادي باختاكور الأوزبكي ضمن دوري أبطال آسيا، ومن عاداتي الحميدة الاستمتاع بمباريات الهلال ضدّ الأندية الخارجية، لكنّي هذه المرّة لم أستمتع البتّة، رغم فوز الهلال، ويبدو أنّ هرمون الأدرينالين الذي يُسبّب الشعور الإنساني بالإثارة خلال المناسبات الرياضية ينقص إفرازُه في حالة غياب الجماهير حتّى عند الذين يشاهدون المباريات في القنوات التلفزيونية!.

فما بالكم باللاعب نفسه؟ وهو داخل الملعب، عفواً العلبة الفارغة؟، أعتقد أنّ وضعه مع غياب الجماهير غير مُريح نفسياً له، ونشاطه في اللعب يقلّ بنسبة لا يُستهان بها، ويلعب بشهيّة غير مفتوحة على مصراعيْها، فللصخب الجماهيري الحاضر سواءً كان مع اللاعب أو ضدّه مفعول السحر، ومفعول الصخب يفوق مفعول الحبوب الكيماوية المُنشِّطة والممنوعة في الملاعب الرياضية، ومن الثابت علمياً أنّ اختراق الأصوات المرتفعة لأذن الإنسان يستفزّه ويُحمّسه ويُسبّب له زيادة في الروح القتالية المطلوبة، والعكس صحيح بلا أدنى شكّ!.

ومن الظريف ما فعله نادي بوروسيا مونشنجلادباخ الألماني مؤخراً، إذ طبع صور الآلاف من جماهيره على ورق مُقوّى وثبّتها على مقاعد ملعبه، حتّى يشعر لاعبوه وكأنّهم يلعبون أمام جماهيرهم، لكنّه نسي التأثير الصوتي الأهمّ، ولعلّه يبثّ تسجيلات صوتية تشجيعية بجوار الصور، من يدري؟ كلّ شيء جائز!.

والعبرة من الموضوع هي أنّ أيّ نادٍ أو منتخب قد يُعاقب إن خالف القوانين بحرمانه من جماهيره، وقد تولّى فيروس كورونا مهمّة المعاقبة، وحرم الأندية والمنتخبات من جماهيرها، وفي حرمانه بعضٌ من العدل، لأنّه ساوى بين الكلّ وعاقب الكلّ، بلا عنصرية ولا تمييز، ويا أمان كرة القدم وعُشّاقها المُتيَّمِين!.