مضى ما يزيد على سنة منذ أن كسرت وزارة الدولة لشؤون مجلس الامة حاجز الصمت والتواري عن المشهد السياسي والإعلامي، بعد استحداث حقيبة وزير الدولة لشؤون مجلس الامة في 1998، مع الاعلان عن «خطة للحكومة تستهدف الاستقرار السياسي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية» في 22 اغسطس 2019.

تبدأ «الخطة حكومية» من عام 2020 وحتى 2025، وتشتمل على «أهداف استراتيجية لدعم الاستقرار ودفع عجلة إنجاز التشريعات التي تحقق رؤية دولة الكويت، فضلاً عن تحقيق الكفاءة والفاعلية في الجهاز الإداري».

جاءت التباشير على لسان الوزير في الحكومة السابقة والحالية فهد العفاسي، حيث نقل حينها «تستعد الحكومة لمواجهة التسخين النيابي المرتقب مطلع دور الانعقاد المقبل، بخطة، أعدتها سابقاً وزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة».

لم تفرج الحكومة أو الوزارة نفسها عن محاور أو حتى ملامح عما يسمى بالخطة، منذ تلك الفترة وحتى اليوم، وكأن أوراق «الخطة» ذات بعد أمني إستراتيجي، وهو بالطبع بعيد كل البعد عن التخطيط والتطبيق الحكومي ككل.

حتى اليوم، لم يبرهن الزمن على تحرك مختلف سياسياً في اداء وقيادة الحكومة السابقة، وكذلك في الحكومة الحالية برئاسة الشيخ صباح الخالد، حيث يتأكد مجدداً أن وزارة الدولة لشؤون مجلس الامة لا دور لها، وهي واقعياً عبء بجهازها المالي والإداري على الخزينة العامة، التي تئن من عجز مالي بحسب مزاعم حكومية.

كان يفترض ألا يتمدد كيان مكتب وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة الى ما بلغه اليوم من تضخم هيكلي وزاري، ولكن احضان الحكومة الحنونة ارتأت العكس على حساب المال العام!

عدتُ مؤخرا الى الموقع الالكتروني للوزارة غير الفتية، لعلني أجد تغييراً وتطوراً في عمل وأداء وزارة الدولة لشؤون مجلس الامة عما كان عليه في 2019 وقبل ذلك بزمن ايضا، فالدراسات السياسية والاقتصادية وغيرها بقيت بعناوينها على الموقع، لكن «التحديث» الوحيد انحصر في حجب تفاصيل ما يسمى بالدراسات، أي أنه من غير الممكن الدخول على مضمون أي دراسة وتنزيلها!

حظي الصاعد دفعني أن أقوم قبل سنوات بطباعة والاحتفاظ بالنص الكامل لما حمل عنوان «دراسة الاعلام السياسي وأثره على الشارع الكويتي» لعام 2010، قبل الحظر التقني الحالي على تنزيل «الدراسات».

ليس هناك عنصر واحد يوفي المعنى العلمي للدراسة، التي حملت عنواناً أعمق من المضمون، حيث تضمنت «الدراسة» مقتطفات من خطابات رسمية وآراء وتوصيات مقتضبة بعضها للأخوين د. سعد بن طفلة ود. أنس الرشيد، وزيري الإعلام السابقين.

تقول خاتمة الدراسة «من المؤسف، أن يكون بعض دوائر صنع القرار وكثير من الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة تتعامل مع المشكلات أو المطالبات المثارة في وسائل الاعلام على أنها تمثل على الدوام الواقع الحقيقي للمجتمع، ويرسمون سياساتهم وخططهم بناء على تلك الصورة التي ترسمها وسائل الاعلام عن المجتمع».

واقعياً، ليس هناك برهان واحد على أن هناك عملا حكوميا مؤسسيا تنسحب عليه صفة «دوائر صنع القرار»، فمعظم، ان لم تكن كل، قرارات وسياسات الحكومة هي اساساً عشوائية المصدر، وليس ثمة قاعدة رسمية لصناعة القرار ودليل على المشاركة في صناعته شعبياً.

لعل ما يستدعي الاهتمام حكومياً هو ما نقل عن «التأزيم»، حيث ورد نصاً «فالوزير الذي يقبل بالحقيبة الوزارية وهو غير قادر على تحمل مسؤوليتها ولا إدارتها هو عنصر تأزيم».

طبعاً هناك الكثير من أمثلة التأزيم الحكومية، التي لا تحصى، ولكن أتمنى ان يستبدل رئيس الحكومة المقبلة أسلوب التشكيل الوزاري التقليدي بنهج علمي ومهني، يقضي على المحاصصة والاختيار العشوائي للوزراء، بشكل يلبي احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل.

من الاجدى مالياً وسياسياً، إزالة الشحوم الحكومية الزائدة، وخصوصا الدور المبهم لوزير الدولة لشؤون مجلس الامة وهيكل الوزارة ككل، التي تحتضن «المكتبة والمعلومات والدراسات»، بينما آخر دراسة عن «تقرير انتخابات مجلس الامة» يعود الى 2009 ونحن اليوم في عام 2020!