في الأسبوع الماضي تناولت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية الكلمة الضافية الشافية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حول إنجازات المملكة غير المسبوقة، والموثقة بالحقائق والأرقام على مختلف الأصعدة، التي تحققت خلال فترة وجيزة لا تزيد على أربعة أعوام، لتصعد المملكة إلى المرتبة الأولى بين 190 دولة في إصلاح بيئة الأعمال، والثالثة كأفضل دولة في الحرية المالية والنظام الضريبي، والرابعة كأقوى نظام مصرفي بين دول المعمورة.
وتزامنت هذه الكلمة السامية مع نجاح المملكة في رئاستها لمجموعة العشرين خلال العام الجاري، التي كانت من أهم إنجازاتها مشاركة قادة دول المجموعة في تنفيذ المبادرات المميزة والهادفة التي طرحتها المملكة لتمكين الإنسان وحماية الأرواح والحفاظ على كوكب الأرض وإصلاح منظمة التجارة العالمية وتوفير الإجراءات الفورية للفئات الأكثر احتياجا للخروج بسلام من آثار وتبعات جائحة كورونا. وتقديرا لجهود المملكة في إطلاق هذه التدابير الجريئة الهادفة إلى بناء نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل على مستوى العالم، سارعت دول المجموعة إلى المشاركة في ضخ 11 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، وأكثر من 21 مليار دولار في نظم الصحة والجاهزية والاستجابة للجوائح، وتوفير 14 مليار دولار من خلال مبادرة تخفيف عبء الديون لدعم الدول الأقل نموا والأكثر احتياجا.
هذه النتائج الباهرة جاءت نتيجة استضافة المملكة أكثر من 170 لقاء افتراضيا و14 اجتماعا وزاريا استثنائيا، صدر عنها 20 بيانا تم الاتفاق عليها جميعا. ولدورها الأساسي في رئاسة المجموعة قامت المملكة بدعوة جميع قطاعات الأعمال والمجتمعات المدنية في جميع أنحاء العالم، إلى المشاركة الفعالة بهدف استعادة النمو والتعافي بصورة أقوى لمستقبل عالم أفضل للجميع.
يأتي حرص المملكة على تحقيق هذه الأهداف ابتداء من تشرفها بمكانتها الفريدة كقبلة لثلث سكان العالم من المسلمين، ومرورا بموقعها الاستراتيجي المميز الذي يربطها بأكبر القارات الثلاث وأهم الممرات البحرية الأربعة التي تمر من خلالها 13 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من النفط الدولي.
ولا شك أن احترام العالم للمملكة تكلل بكلمة ولي العهد، الذي أكد بشفافية مطلقة نجاح رؤية المملكة الطموحة، الرامية في المرتبة الأولى لتحقيق رفاهية المواطن من خلال تنويع مصادر دخلنا بزيادة إيراداتنا غير النفطية إلى 69 في المائة، وتحقيق العوائد الصافية لدعم اقتصادنا التنافسي، وصولا به إلى المركز الـ 15 بين دول مجموعة العشرين.
وازداد احترام العالم للمملكة عندما وضع ولي العهد نصب عينيه هدف تخفيض نسبة البطالة وتمكين المرأة كإحدى أهم أولوياته. وبدأت المملكة فورا بإصلاح سوق العمل وتوفير مزيد من الوظائف للمواطنين والمواطنات.
ولا شك أن رفع كفاءة الأجهزة الحكومية واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، أدت إلى انخفاض نسبة البطالة من 13 في المائة عام 2018 إلى 11.8في المائة عام 2020، للوصول بها إلى نسبة لا تزيد على 7 في المائة عام 2030، مع تضاعف نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17 إلى 31 في المائة خلال العام الجاري.
وحتى لا تصبح المملكة رهينة لأي تقلب في أي قطاع استمرت الدولة في الإنفاق الرأسمالي، وتعزيز بندي التشغيل والصيانة، والالتزام الكامل ببند المنافع الاجتماعية والإعانات ودعم التمويل. كما تحملت المملكة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بسبب جائحة كورونا، بما يصل إلى 188 مليار ريال، لتصبح المملكة من أفضل عشر دول بين مجموعة العشرين في التعامل مع التبعات الاقتصادية للجائحة.
وجاء برنامج الإسكان كإحدى أولويات القطاعات الخدمية الأساسية لما كان يشكله من هاجس رئيس للمواطن، ليعزز التزام المملكة برفع نسبة تملك المواطنين للمسكن من 47 في المائة عام 2016 إلى 52 في المائة في 2020، علما بأن هذه النسبة وصلت إلى 60 في المائة، متجاوزة الهدف بثماني نقاط.
وازداد احترام العالم للمملكة نتيجة التطور والإنجازات التي تحققت في القطاع الرقمي، حيث صعدت المملكة للمركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول مجموعة العشرين في الأعوام الثلاثة لماضية، وقفزت 40 مركزا في مؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات. وجاء هذا التقدم الملموس نتيجة للاستثمارات التي تجاوزت 55 مليار ريال في البنية الرقمية للمملكة، ما نتج عنها رفع مستوى متوسط سرعة الإنترنت لتصبح المملكة الدولة الأولى في سرعات الجيل الخامس، ومن ضمن الدول العشر الأولى عالميا في سرعات الإنترنت المتنقل بعد أن كانت المملكة خارج قائمة أفضل 100 دولة في هذا المجال. وأسهم هذا التحول الرقمي الفريد من نوعه عالميا في استمرار العمل أثناء الجائحة في أكثر من 94 في المائة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، لترتفع نسبة توطين الوظائف في هذا القطاع إلى 50 في المائة.
كما حظيت المملكة باحترام العالم عندما حقق صندوق الاستثمارات العامة نجاحا استثنائيا في توفير مداخيل مستدامة للدولة لم تكن موجودة سابقا، ليصبح هذا الصندوق السيادي أحد أهم المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي بعد مضاعفة حجمه من 560 مليار ريال إلى ما يزيد على 1.3 تريليون ريال. كما حقق الصندوق ما يزيد على 7 في المائة من العوائد الاستثمارية الصافية للدولة التي ارتفعت إلى 70 و140 في المائة في بعض الاستثمارات. وخلال الأعوام الأربعة الماضية بلغت استثمارات الصندوق 311 مليار ريال، ما أسهم في توفير أكثر من 190 ألف وظيفة، مع توجه الصندوق لضخ ما يقارب 150 مليارا سنويا في الاقتصاد السعودي. وستوفر هذه السيولة من خلال تسييل وإعادة تدوير استثمارات الصندوق للدخول في فرص جديدة، وإيجاد دورة اقتصادية محلية تمكن من بروز قطاعات جديدة، والإسهام في توفير إيرادات جديدة للدولة.
هذه الرؤية الطموحة الهادفة إلى تعزيز مكانتنا بين دول العالم، تطالبنا أيضا بضرورة القضاء على الفساد، ونبذ التطرف، وتعظيم دور القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومواصلة الإصلاحات في أسعار الطاقة وسوق العمل والنظام التعليمي، ورفع كفاءة الإنفاق، ليزداد احترام العالم لمملكتنا العزيزة.