** للوهلة الأولى عندما يسمع الشخص كلمة «رياضة»، يتبادر إلى ذهنه ذلك المجهود الجسدي الذي يُمارس وفق قواعد محددة ،بغرض الترفيه أو المنافسة من أجل تحقيق إنجازات، سواء كانت محلية أو إقليمية أو عالمية، وعلى أي حال، فإن استمرار ممارسة الرياضة، أياً كانت، يؤثر بشكل إيجابي كبير في صحة الفرد الذهنية والجسدية، ويزيد من الثقة بالنفس.

والرياضة ليست مجهوداً جسدياً فقط، فهي تحمل رسالة يجب أن يتبناها كل من ينتمي إليها، سواء كان لاعباً أو إدارياً أو فنياً أو حتى مشجعاً، فالرياضة ليست تنافساً فقط، وممارسوها سفراء لبلادهم، وقوة ناعمة تحمل قيم الدولة وثقافتها إلى الخارج.

** وأتساءل، أي نوع من السفراء الرياضيين نمتلك اليوم؟ هل رياضيونا أهلٌ ليكونوا قدوة للناشئين والأطفال محلياً وعالمياً؟ هل هم على قدرٍ كافٍ من التوازن الثقافي والأكاديمي والمهني؟ وما هي مبادرات الأندية والمؤسسات الرياضية في هذا الجانب ؟

دولة الإمارات تعتلي اليوم مراكز متقدمة في مضمار التنافسية العالمية، وأصبحت الريادة الحكومية سمتها، وقد أولت اهتماماً كبيراً لتطوير القطاع الرياضي، فأصدرت القوانين والتشريعات، وأنشأت مؤسسات حكومية معنية بتطوير هذا القطاع لأهميته في وضع رياضة الإمارات على الخريطة العالمية، ورؤية المنتخبات الوطنية على منصات التتويج، وأبرزها بالطبع دورات الألعاب الأولمبية لما لها من أهمية كبيرة وشرف عظيم.

ولكي نصل برياضيينا إلى مستوى الألعاب الأولمبية، يجب تطبيق منهج المسرعات الحكومية، بحيث يتم اختيار عدد من المواطنين الموهوبين تحت 10 سنوات لكل رياضة أولمبية، ومن ثم يتولى أحد المصارف أو الشركات الخاصة رعاية إحدى الألعاب، ويتم فتح باب المنافسة الإيجابية، بحيث تقوم هذه المؤسسات بتوفير وسائل التدريب، وتحفيز هؤلاء اللاعبين، ومن المهم تثقيفهم وغرس عقيدة النجاح فيهم، والتأكيد عليهم أن الوصول إلى المستوى الأولمبي يتطلب تدريباً جاداً والتزاماً يمتد لسنوات طويلة، والدور الأكبر في الإشراف الفني سيكون بالطبع على عاتق الاتحاد المعني باللعبة.

** وليس خافياً على أحد أن كل القطاعات في الدولة تطورت ووصلت إلى أرقى المستويات،بينما الرياضة ما زالت بعيدة عن بلوغ الطموحات المعلقة عليها من حيث الإنجازات الدولية، على الرغم من أن الدولة وفرت كل شيء من أجل تقدم الرياضة، فأنشأت الأندية المتنوعة والمتخصصة، ووفرت كافة المرافق والأجهزة، لكن للأسف ما زالت النتائج بحاجة إلى التطور، ويبقى السؤال: هل تمكن الأكفاء والمؤهلون أكاديمياً من الوصول لمكانتهم التي يستحقونها ليرتقوا بالرياضة؟.. نحن نعلم أن معظم الاتحادات يقودها مجلس منتخب، ولكن ليس شرطاً أن تسفر الانتخابات عن الأكفاء؟!.

والمؤسسات الرياضية بحاجة إلى قادة أكفاء مشهود لهم بالإنجاز وتحقيق الأهداف، قادة تخلو ذاكرتهم من أية مواقف وصراعات قديمة، قادة متفرغين للعمل على تسخير خبرات اللاعبين وتطوير قدراتهم من أجل الوصول إلى النجاح المنشود، برؤية علم الإمارات على منصات التتويج، ولعل هذا القطاع الحيوي بحاجة إلى تغيير بعض التشريعات، خاصة فيما يتعلق بعمليات الانتخابات وتشكيل مجالس الإدارات، حتى نضمن وصول ذوي الكفاءة والخبرة إلى المناصب الإدارية الرياضية، لاسيما أننا أصبحنا على يقين من أن الاتحادات والجمعيات الرياضية لن تتطور بإداريين تنقصهم الخبرات، سواء كانت مهنية أوقيادية.

أخيراً.. القطاع الرياضي بحاجة إلى تجديد الدماء بكفاءات قادرة على تحقيق الأهداف عوضاً عن الإدارة العشوائية الغارقة في الصراعات القديمة أو التواجد حباً في الظهور، وإضافة منصب جديد إلى السيرة الذاتية.