نساء الجزائر في لوحات عالمية، أولى هذه اللوحات، تلك التي أنجزها أوجين دولاكروا في 1933: «نساء الجزائر في بيتهن»، رسمها بعد أن زار الجزائر، ومع أنه كان من الرافضين لاحتلال الجزائر في 1830، إلا أنه أعجب بالمكان، بالخصوص «القصبة»، حيث تشبّع بثقافتها ونظامها الحياتي الجميل، بعد أن زار بيوتاً كثيرة في العاصمة.

وعلى خلاف ما يظنه كثيرون، فقد رسمها بعد عودته إلى باريس، بعد أن أُعجب بالحياة العاصمية في الجزائر، اللوحة لم تخرج عن منطق الشرق الغربي، أي الشرق الذي تخيله الغرب المنتصر، وليس كما هو في حقيقته، الشرق المُشْتَهى وليس الشرق الحزين الذي كان يعيش ليالي الاستعمار.

اللمسة الرومانسية، جعلت اللوفر يسارع لاقتناء اللوحة مباشرة بعد عرضها في صالون 1834، الشيء المدهش، هو أن هذه اللوحة تحولت بسرعة إلى مرجع فني للكثير من الفنانين بعد أقل من 40 عام، أي في سنة 1872 رسم بيير أوغست رونوار، لوحته المعروفة: «باريسيات بلباس جزائري»، كان التقليد فيها واضحاً لنساء الجزائر في بيتهن، رفض الصالون عرضها، ورأى فيها لوحة خليعة تسيء إلى الباريسيات، بقيت اللوحة في الورشة التي طرد منها رونوار، ليستلمها الحارس ويبيعها للخباز ياسينت أوجين مورَرْ، حتى صديقه بول سينياك سخر من اللوحة، بغمزة لم تكن بريئة: «رونوار 1872، هو رونوار نساء الجزائر في حمامهن Femme d›Alger à leur toilette، لقد رسمها تحت تأثير لوحة دولاكروا»، قبل أن يقتنيها متحف طوكيو ناشونال ميزيوم أوف آرت.

سبق لرونوار أن رسم في 1870، بتأثير من دو لاكروا أيضاً، لوحة: أوداليسك، امرأة جزائرية، لكن أكثر الذين أثاروا جدلاً هو بابلو بيكاسو، في لوحته الأغلى عالمياً: «نساء الجزائر» بين 1954-1955، اللوحة ذات المقاسات المتوسطة، وقد تنقلت كثيراً بين الأيدي بعضها معروف، وبعضها الآخر ظل محتفظاً بسريته.

باعتها غاليري كريستيز بأكثر من 160 مليون دولار، وهو رقم عالمي خيالي في سعر لوحة فنية، هذه اللوحة سمحت لبيكاسو، كما يقول في أحد حواراته، بشراء فيلا كاليفورنيا، على البحر المتوسط (باعها بيكاسو وقتها مجموعة بـ2 مليون دولار) فهي مكونة في الأصل من 15 لوحة وليس من واحدة كما يظن كثيرون.

بدأ بيكاسو رسمها ما بين 1954 و1955، مباشرة بعد عودته من الجزائر في 1953، المجموعة اشتراها كلها فيكتور وسالي غانز في 1956، من معرض غاليري لويس ليريس.

باع غانز لاحقاً 10 لوحات من المجموعة لغاليري سايدنبرغ، محتفظاً بالبقية، التي بيعت منفردة في أمكنة عديدة، عبر العالم.

بلوحته نساء الجزائر، نسخة (صفر)، وهي الأهم، جرد بيكاسو لوحة دولاكروا، من كل الأغلفة الرومانسية والزوائد الاستشراقية التي تخفي بصعوبة تصوراً استعمارياً للآخر، وفونتازما لا علاقة لها بالحقيقة الموضوعية، ووضعها بيكاسو أمام مرآة النقد الصارم.