قطعت أبوظبي بل وفوتت الفرصة على كل متربص بالتقارب الخليجي - الخليجي، الذي تحتمه أواصر الدين والدم بعد عُرى الأخوة والمصير المشترك التي تربط البيت الخليجي الواحد وعاصمته الكبيرة رياض المحبة والسلام، فقد أوضح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في هذا الشأن قائلًا: "نتطلع إلى قمة الرياض بكل تفاؤل وأمل". وأضاف: "هي القمة التي تستمد أهميتها مما يحمله الموقع والمكان من وزن وثقل استراتيجي". وتابع: "إيماننا بدور المملكة الشقيقة الخليجي والعربي راسخ، ومعه التزامنا الوطيد بنجاح مسيرة مجلس التعاون في زمن التشتت والقلق".

ولم تفوت الرياض الفرصة من خلال مجلس التنسيق السعودي البحريني، للتأكيد على وحدة مصير البيت الخليجي، من خلال التنسيق الوثيق بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، والمحافظة على مصالح البلدين وأمنهما واستقرارهما.

وبذلك يتضح البُعد السياسي والاقتصادي والأمني المشترك لقمة الرياض التي تنعقد يوم الخامس من يناير من العام 2021م في ظروف لا تقبل المزايدة على المصير المشترك لأعضاء مجلس التعاون الخليجي كافة، المجلس الذي وجد ليبقى وليستمر بإذن الله تعالى.

ولا غرابة في أن تحتضن الرياض معقل "البيت الخليجي الكبير" هكذا قمة في هكذا ظرف وهكذا توقيت غاية في الأهمية، وهي الأم الحنون والشقيقة الكبرى لدول المجلس كافة، ولما تمثله من ثقل وريادة كبيرين في نفوس جميع أبناء وشعوب الخليج العربي، أبناء دول مجلس التعاون الخليجي الذين يؤمنون أن المصير واحد مهما كانت الخلافات التي تحدث بين الأشقاء، وأن المحافظة على لُحمة البيت الواحد حقيقة يفرضها الواقع كلما ازدادت التحديات التي تحيط بهذا الكيان الخليجي الذي فرض نفسه ككيان فريد في تكتله وأهدافه وقيمه ومبادئه منذ أوائل الثمانينات الميلادية، ولا غرابة أيضاً أن تكون ذات الدواعي التي قامت على إنشاء المجلس وإعلانه للعالم يوم الخامس والعشرين في شهر مايو العام 1981م في العاصمة الإماراتية أبوظبي، التي كانت سباقة حينها لاستشراف ضرورة إنشاء المجلس الذي سيقطع حتماً الطريق على مطامع العالم في منطقة حساسة تشكل ما يزيد على 45 ٪؜ من احتياطيات النفط في العالم.

وللتاريخ نذكر هنا دور وجهود المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز والمغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح في مرحلة التأسيس وما قاما به -يرحمهما الله- لإخراج فكرة "الاتحاد الخليجي" للعلن، وتمت على إثر تلك الجهود والمشاورات في "عاصمة القرار العربي الرياض" مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -يرحمه الله- والذي احتضنت بلاده بلاد الخير الاجتماع الأول للمجلس، الذي ينتظر أبناؤه بشغف قرارات قادته يوم الخامس من يناير المقبل، وتسبقهم في ذلك الآمال وتحدوهم التطلعات لإكمال مسيرة المجلس الفريد في وحدته ومصير شعوبه بكل ما تحمله الكلمة من معنى في وقت شديد الأهمية.