في عام 1957 نشرت «الكواكب»، كبرى المجلات الفنية في مصر والعالم العربي، موضوعا بعنوان «الحظ يعاند الجميلات». ومما جاء فيه أن الجمال وحده ليس شرطا للنجومية السينمائية، وأنه يجب أن يقترن بالموهبة التي تجعل صاحبتها تدخل قلب المشاهد بدليل أن ممثلات كثيرات لم يكن لهن نصيب من جمال الوجه والقوام، لكنهن نجحن ووصلن لقمة المجد والشهرة بسبب جمال روحهن.

ومن ضمن الأسماء الكثيرة التي تداولتها المجلة لجميلات فشلن في تحقيق الشهرة والنجومية، بل طواهن النسيان سريعا، الممثلة «مونا فؤاد» التي لم يعد أحد يتذكرها رغم جمالها الأوروبي الأخاذ وظهورها في عدد من أفلام الخمسينات، ناهيك عن اختيارها كملكة جمال عدة مرات على الشواطئ وفي النوادي والمسابقات العامة والخاصة. ولعل الجزئية الأخيرة هي التي شجعتها على اقتحام مجال الفن دون أن تملك مواهبه، طمعا في النجومية.

وُلدت مونا في القاهرة في الخامس من أكتوبر 1928 لأسرة من أصول فرنسية، وتوفيت في الأول من أكتوبر عام 1993 بفنزويلا، من بعد معاناتها من نوع نادر من الربو لم تنجح مستشفيات إسبانيا وفرنسا وفنزويلا في علاجه. توفيت دون أن يلتفت أحد لخبر رحيلها، وكأنها لم تقف ذات يوم أمام عمالقة السينما رجالا ونساء في أدوار صغيرة، لكنها عمقتها بملامحها الأرستقراطية الفريدة.

وبعد أن ظهرت لأول مرة على الشاشة عام 1951 من خلال فيلم «الخارج على القانون» إخراج محمد عبدالجواد وتمثيل شكري سرحان وحسن البارودي وزينات صدقي وفريد شوقي ونجمة إبراهيم، والذي أدت فيه دور عشيقة المجرم الخط (فريد شوقي)، تنبأ لها البعض بأن تصبح نجمة لامعة في دنيا السينما المصرية. وتعززت هذه الرؤية بعد مشاركتها في فيلمها الثاني «حضرة المحترم» عام 1952 والذي أخرجه عباس كامل من تمثيل كارم محمود وزهرة العلا والمليجي وشكوكو وسعيد أبوبكر والسيد بدير، ثم فيلمها الثالث «عبيد المال» عام 1953 من إخراج فطين عبدالوهاب وبطولة فاتن حمامة وعماد حمدي وفريد شوقي، والذي جسدت فيه دور الزوجة الخائنة، ثم فيلمها الرابع «السيد البدوي» في العام نفسه من إخراج بهاء الدين شرف وتمثيل عباس فارس وتحية كاريوكا وكوكا وسراج منير.

وهكذا راحت تقدم المزيد من الأعمال وسط ترقب وتلهف الجمهور وإشادتهم بها. فشاركت في عام 1954 في فيلمين هما «نور عيوني» من إخراج حسن فوزي وتمثيل نعيمة عاكف وكارم محمود والمليجي وحسن فايق، وفيلم «أنا الحب» من إخراج بركات وتمثيل شادية وزهرة العلا ومحسن سرحان ويحيى شاهين وزينات صدقي وهيرمين وحسين رياض، حيث جسدت دور «ليندا» ابنة الخبير السويسري في السويس.

أما في عام 1955، الذي يعد العام الأخير في مسيرتها الفنية، فقد قدمت ثلاثة أفلام دفعة واحدة؛ أولها كان فيلم «نهارك سعيد» إخراج فطين عبدالوهاب وتمثيل منير مراد وسعاد ثروت وسراج منير وعبدالسلام النابلسي وسعاد مكاوي، حيث أدت فيه دور «موني درويش» خطيبة منير مراد؛ وثانيها فيلم «الله معنا» إخراج أحمد بدرخان وتمثيل فاتن حمامة ومحمود المليجي وعماد حمدي وشكري سرحان وماجدة وحسين رياض وعلوية جميل وأحمد علام وسراج منير؛ وآخرها فيلم «أغلى من عينيه» إخراج عزالدين ذوالفقار وتمثيل سميرة أحمد وعمر الحريري وحسين رياض وسميحة أيوب، حيث جسدت فيه دور عشيقة إيمليو صاحب الكازينو (فاخر فاخر).

تفاجأ الوسط الفني باعتزالها عام 1955 بعد فيلمها الأخير «أغلى من عينية»، وتساءلوا عن الأسباب، فكان الجواب هو أسرتها التي اعترضت على أن تشتغل إحدى بناتها بالفن منذ البداية، وهددتها بالقتل إن فعلت ذلك. وعلى الرغم من معاندتها لأسرتها وخوضها مجال السينما وتحقيقها لبعض النجاحات، إلا أن التهديدات تواصلت، بل تعرضت أكثر من مرة لمحاولات قتل فاشلة، فقررت في نهاية المطاف أن ترضخ وتختفي عن الساحة الفنية نهائيا. وبعد عام من قرارها هذا، أي في عام 1956، تزوجت مونا من شخص سوري وأنجبت منه ابنتها «كاميليا» سنة 1962، ثم ابنها «سامر» عام 1966، فابنتها الثانية «ياسمين» عام 1970.

أما الغريب حقا فهو أن مونا كررت ما فعلته أسرتها معها، وذلك حينما اعترضت على دخول ابنتها الصغرى «ياسمين» مجال الفن.