لا شك أن تعيين ويندي شيرمان المفاوضة السابقة للاتفاق النووي مع إيران لمنصب نائب وزير الخارجية في إدارة جو بايدن سيعطي دفعة قوية لأن تلتحق الولايات المتحدة بهذا الاتفاق، الذي وقّع عام 2015، الذي انسحبت منه إدارة دونالد ترامب، بل يمكن طرح هذا السؤال وهو متى سترفع أمريكا على الأقل جزءا من العقوبات المفروضة على إيران، ومتى تبدأ واشنطن مرة أخرى في التفاوض مع إيران ضمن إطار المجموعة السداسية؟.

المعلومات الشخصية الخاصة بالسيدة ويندي شيرمان تذكر أنها تبلغ من العمر واحد وسبعين عاما، وأنها تعمل أستاذة في دراسات القيادة بجامعة هارفارد، وهي تحمل درجة في العمل الاجتماعي، كما أنها عملت في حكومة ولاية ميرلاند، وفي حملات انتخابية تابعة للحزب الديموقراطي، كما كانت رئيسة للمنظمة الخيرية التابعة لشركة «فاني مايين» للإسكان، كما شغلت ويندي شيرمان مناصب مهمة في وزارة الخارجية الأمريكية، ومن ضمنها عضوية فريق العمل، الذي تفاوض مع حكومة كوريا الشمالية بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي،

والأمر الذي يدعو إلى التخوف هو أن تكرر ويندي شيرمان نموذج التعامل مع كوريا الشمالية في كيفية إدارة أمريكا لملف إيران النووي، حيث تعطي أمريكا الانطباع للعالم بأن إيران هي دولة تحترم الأعراف الدولية ملتزمة بالاتفاقات الأممية المحرمة للأسلحة النووية في حين أن هذه الدولة الطامعة لامتلاك سلاح نووي تهدد بسياستها الحمقاء الأمن الإقليمي والدولي.

ستحاول شيرمان أن تعمل على تقوية علاقاتها مع وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي يتولى مهام مفاوضات المناخ لإقناع جو بايدن بالعودة للمفاوضات مع إيران مستغلة في ذلك عضويته فى مجلس الأمن القومي.

وقد يخلق هذا واقعا سياسيا جديدا في العاصمة الأمريكية يسعى إلى وقف الضغوط الأمريكية والدولية على طهران.

وقد تصطدم مواقف شيرمان تلك المتساهلة مع إيران إلى معارضة من قبل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي يدعو إلى مراقبة أكثر صرامة لبرنامج إيران للصواريخ، وبالذات قدرتها على إمداد حلفائها من أمثال حزب الله بتلك الصواريخ.

وفي هذه الحالة، سيصبح الموقف الأمريكي تجاه إيران أكثر تعقيدا؛ لأنه سيحمل في طياته وجود انقسام حاد داخل الإدارة الجديدة حول التعامل مع إيران مع عدم قدرة الرئيس بايدن على حل الخلافات بين أقطاب إدارته حول كيف ستتعاطى أمريكا مع برنامج إيران النووي؟

ربما تجد شيرمان أيضا حليفاً لها وهو مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، الذي تعاونت معه في التفاوض معاً مع إيران

أثناء عملها بإدارة أوباما، لذا فالقضية هي وجود أكثر من عضو فاعل في إدارة بايدن على استعداد لبدء المفاوضات مع إيران دون انتزاع تنازلات مهمة وضرورية منها، بل بالعكس قد تكون تلك التوجهات الدبلوماسية الجديدة غير الحكيمة من السيدة ويندي شيرمان، وغيرها من كبار المسؤولين في إدارة بايدن حافزا لأمرين في غاية الخطورة سيكون أولاهما تشجيع إيران على إنتاج المزيد من اليورانيوم المخصب، وهو العامل الذي يستطيع أن يجعل من إيران دولة ذات قدرات نووية قوية، والأمر الثاني تشجيع التيار المحافظ المتشدد داخل أجهزة الحكم في إيران على انتزاع تنازلات أكثر من أمريكا، وبالذات فيما يتعلق بحاجة إيران لأن تتعامل مرة أخرى مع الكيانات الدولية المصرفية والنقدية لفك أزمة إيران الاقتصادية الخانقة.

والخطأ الفادح، الذي قد يكون أكثر ضراوة هو أن تعتبر ويندي شيرمان الاتفاق، الذي وقّع عام 2015 النموذج، الذي يحتذى به في توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران. وهذا أمر غير واقعي؛ لأن إيران استغلت هذا الاتفاق لتطوير إمكاناتها النووية أكثر.

وبالتالي فالمفروض أن يكون أي اتفاق جديد مع إيران مخالفاً لشروط وماهية ومنطق هذا الاتفاق المخرب للسلام الدولي، أسئلة كثيرة تطرح مع تعيين ويندي شيرمان مسؤولة مهمة في إدارة بايدن عن علاقات أمريكا الخارجية تجاه إيران، معظم الأجوبة على تلك التساؤلات ستحدد ذلك، خاصة مع انضمام شاك شومر كأحد المقربين للرئيس الأمريكي الجديد وهو معترض على الاتفاق، كذلك ويليام بيرنز الدبلوماسي، الذي اصطدم مع إدارة أوباما بشأن الاتفاق النووي ليبقى الجدل مفتوحاً ورهناً للأيام المقبلة.