تناولت من خلال خمسة أجزاء من مقالات نشرتها في صيف عام 2020 بمناسبة صدور المجلدات الستة بعنوان «تاريخ الغزو العراقي لدولة الكويت»، لمركز البحوث والدراسات الكويتية، وهي مبادرة قيمة بحاجة إلى التحديث والمراجعة في الطبعات القادمة.

تبع ذلك مقال آخر عمّا ورد في أحد الفصول حول «الخذلان العربي»، والمعالجة غير الموفقة في تبرير طبيعة المساعدات الكويتية الخارجية وسريتها وربطها بمبدأ «العمل الخيري»، وهو ما يجافي الواقع والحقيقة.

شرحت رأيي بشكل واف، وما كان يفترض تبنيه على المستوى الرسمي قبل وبعد الغزو العراقي، واحتضان سياسة إعلامية فاعلة ومُؤثرة ومُنظمة في التواصل والاتصال مع جميع البلدان المستفيدة من المساعدات الكويتية التنموية، حتى يكون التحرك الإعلامي ملامساً للواقع وبصورة تستفيد منه الكويت رسمياً وشعبياً.

ونظرا لأهمية إثراء عملية التوثيق من قبل جميع أفراد المجتمع، أود سرد بعض التفاصيل، التي غابت عن المجلدات الستة المذكورة، لعلها تسهم في التوثيق مجدداً من أجل شمولية العمل الوثائقي المنشود.

لقد جنح التوثيق إلى عدم تناول بعمق وعناية دقيقة دور شعراء في الدفع بولادة أغان وطنية، جرى تسجيلها وتلحينها خلال كارثة الغزو العراقي للكويت، فقد شهدت تلك الفترة تدفقاً أدبياً كثيفاً من الشاعر الراحل الدكتور عبدالله العتيبي، وكان من بينها قصيدة «طائر البشرى»، التي كانت عنوانا لديوان للمرحوم تضمن كل قصائده خلال الغزو.

فيما فجرت كارثة الغزو العراقي وجدان الأخ العزيز الشاعر الدكتور خليفة الوقيان ضمن ديوان له بعنوان «حصاد الريح» من خلال سلسلة قصائد رائعة، حيث حظيت قصيدة «برقيات كويتية» بتلحين الأخ الفنان الكبير غنام الديكان وغناء شادي الخليج شفاه الله، وجرى تسجيلها صوتياً فقط، إلى جانب قصيدة «العروس والقرصان»، وكذلك قصيدة «نشيد لأطفال الكويت»، التي شدت فيها مجموعة من أبناء الكويت في القاهرة، وهي من ألحان الفنان القدير أحمد عبدالكريم.

من الأغاني الموجودة في اليوتيوب https://youtu.be/AVIcgDUjvIo أغنية شادي الخليج لقصيدة خليفة الوقيان «برقيات كويتية»، التي أخذت عنواناً آخر وهو «قل للرفاق»:

قل للرفاق الغارسين رماحَهم بظهورِنا

الناذرين سيوفَهم لنحورِنا

الدربُ نحو القُدْسِ سالكةٌ

فكيف عبرتُمو نحو الجنُوبْ

هل أنتمُ أحفادُ مُعتصمٍ

إذا انتخت الأسَارى

أم نَسْلِ هولاكو

الذي حَرق الديارا

وعلى الصعيد العمل النقابي، فجاءت مبادرة فردية على يد رئيس اتحاد عمال الكويت الأسبق الأخ العزيز هايف عصام العجمي بتوثيق رحلته خلال تلك الشهور العصيبة ضمن إصدار له بعنوان «أضواء على مواقف وحركة التضامن العربية والعالمية»، وهو ما يستدعي ضمه لوثائق «تاريخ الغزو العراقي لدولة الكويت».

هناك أيضاً شخصيات كويتية، كان لها دور بارز ومحوري في بلورة مسار رحلة التصدي الإعلامي والسياسي في عواصم عالمية ذات تأثير بالغ في صياغة رأي المجتمع الدولي، وهما الأخوان العزيزان الدكتور حسن الابراهيم والدكتور محمد الرميحي.

لقد قاد من ناحيته الدكتور حسن الابراهيم رحلة اللوبي الإعلامي من العاصمة الأميركية واشنطن تحت مظلة «لجنة مواطنون من أجل كويت حرة»، التي توج عملها بعد تحرير الكويت في عام 1991 بتأسيس المؤسسة الكويتية - الأميركية، التي ما زالت تعمل في شتى أنحاء أميركا مع جهات مؤثرة في صياغة الرأي العام ومؤسسات القرار.

وكان للدكتور محمد الرميحي دور مهم، في قيادة «القبس الدولي»، التي تحولت إلى مشروع صحافي واعد باسم «صوت الكويت»، وهي الصحيفة الرسمية، التي تصدت للأكاذيب والافتراءات، وتفنيد المزاعم والادعاءات العراقية إعلامياً وسياسياً ووثائقياً.

وقد وثقت هذه الأعمال لكل من الدكتور حسن الابراهيم والدكتور محمد الرميحي في كتب شتى، وهو ما يستدعي توثيق شهادتهما وضمها لتاريخ الغزو.

وكان هناك أيضاً دور لا يقل أهمية للعم المرحوم برجس البرحس، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في توظيف علاقاته الإعلامية الواسعة، فضلا عن تشغيل مكاتب «كونا» عبر الفاكسات وتوزيعها على وسائل الإعلام المختلفة، بسبب توقف عملية البث حينذاك.

وكان لي نصيب كغيري في العمل الإعلامي في الاتحاد السوفيتي قبل انهياره من نافذة مكتب «كونا» في موسكو، حيث ساهمت في تنظيم الندوات، من أبرزها ندوة حول الوضع المأساوي في الكويت بعد الاجتياح في مقر وكالة «نوفستي» واللقاءات الصحافية أيضاً، والمشاركة مع عدد محدود من الأخوة الكويتيين الدبلوماسيين وأسرهم وأخوة عرب في التظاهر أمام السفارة العراقية في موسكو، وقد جرى توثيق ذلك أمام عدسات الإعلام الغربي والسوفيتي والعربي والكويتي أيضاً.

لعل أفضل مصادر في دعم توثيق هذه الأعمال من خلال وزارة الخارجية و«كونا»، اللتين كانتا على علم بكل التطورات والأحداث عبر رصد دقيق لما كان تشهده شتى العواصم والمدن، التي وثقتها برقيات وفاكسات متبادلة بين ممثليات كويتية ووزارة الخارجية وكونا.