تبدأ الحياة الزوجية من أغلبنا بالنيات الحسنة والتفكير في مستقبل وردي بحثا عن السعادة التي يمكن أن يوفق لها شخصان يحققان مشيئة الله - تعالى - في أرضه، من بناء الأسرة، وهي أساس المجتمعات. عندما تكون هذه المبادئ حاكمة لنيات العرسان، تتحول الرابطة إلى رباط مقدس يتيح للمجتمع أن ينشئ مكوناته باعتماد المفاهيم الإيجابية التي تبني على التعاون والتقدير الذي يظهر تدريجيا في العلاقات الأسرية مع اقتراب عضوي العلاقة من التساوي في نواح عدة.
عندما بدأت الأسرة في التكون واتخذ الرجل دور مانح العيش والباحث في خارج المنزل عما يقيم أود أسرته، بدأت معها تركيبته البدنية في التغيير بناء على متطلبات هذه الوظيفة، ولكم أن تربطوا مفهومي هذا مع ما نلاحظه من تغيير في التركيب الجسدي والنفسي لمختلف الوظائف البشرية التي حولنا. التعامل مع العناصر المتعددة والمؤثرات التي تتكشف في كل بيئة خارجية، ألزمت الرجل الذي يواجه هذه المتغيرات بالتفاعل مع المتغيرات ليصبح - بالتدريج - قادرا على استيعابها والتعامل معها.
صحيح أن أبانا آدم وأمنا حواء، كان لهما القدر نفسه من المواهب والقدرات، وهو ما جعلهما يقعان في الخطأ نفسه، لكن القرون التالية أوجدت التغييرات التي منحت آدم مزيدا من القدرة على التعامل مع التحديات البدنية والنفسية رغم أن تركيبة حواء تقع في المنظور العام نفسه. إنما تختلف حواء عن زوجها بأنها كانت دوما تستقبله وتمسح عن جبينه العرق وتوفر له الهدوء والاستقرار بعد أن تكون الحياة قد كدرت خاطره وأقلقت راحته، ثم إنها تمد هذا الخيط السحري إلى أبنائها وبناتها، فتكون القلب الحنون الذي يمنح من تركيبته الحيوية وتكوينه البشري الدفء والحنان والحب.
ومع التطور البشري، استمر كثير من المفاهيم التي تحدثت عنها هنا في البروز للجميع. ثم إن مرحلة التعلم النظامي وإتاحته للجميع، جعلت حواء عضوا في نادي الخروج من المنزل لسبب التعلم ثم الوظيفة، وهنا ظهر الاختلاف الذي تأقلم معه كثير من الحضارات مع الوقت، رغم استمرار فئات في مقاومته لقناعتهم، أو مقاومة للخسارة.
ثم تستمر عملية المراوحة بين النصر والهزيمة في كل المجتمعات، إلا أنها تأتي تدريجيا على العنصر الأهم في العلاقة الزوجية، وهو ضمان استمرارية هذا الكائن بالصفات التي أرادها الله له، ليصبح البحث اليوم في منتج بشري يمكن أن يزرع فيه شريحة تدير كل حياته وأفكاره.