لا أتفق مع من يقول، إن مجلس التعاون الخليجي قد بلغ سن القوة حينما احتفل بمرور 40 عاما على تأسيسه، لأن هذه المنظومة وجدت قوية، بل إنها المنظومة الأقوى عربيا وإقليميا. وقد ظلت كذلك رغم التحديات التي واجهتها، وآخرها ذلك الخلاف الذي انتهى بمبادرة حكيمة تمت في قمة العلا، وأصابت كلمات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وهو يرحب بالأمير تميم آل ثاني أمير قطر في مطار العلا، أصابت هذه الكلمات أعداء دول الخليج بصدمة كبيرة، ومنهم بعض وسائل الإعلام التي تراهن على استمرار القطيعة. وعودة إلى نشأة مجلس التعاون الخليجي نقول، إن ذلك تم في 20 مايو من 1981، حيث أعلن هذا الخبر السعيد في قمة عقدت في أبوظبي. وتهدف هذه المنظومة إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول الخليج العربية في جميع المجالات وصولا إلى وحدتها، ويقول الدكتور نايف الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون، إن الذكرى الـ40 لقيام المجلس تؤكد ثبات هذه المسيرة المباركة لخدمة دول المجلس وأبنائها من الإنجازات والتنمية التي شهدتها خلال عمر المجلس، وأشار إلى أن العقد الخامس سيكون من أولوياته التكامل الاقتصادي، وأكد الأمين العام أن نجاح مجلس التعاون خلال العقود الأربعة الماضية كان بسبب مرجعيته الإقليمية وتفاعله وحضوره الدولي، حيث جعلت منه شريكا صادقا وموثوقا في ميادين البناء والتقدم وتعزيز الأمن والاستقرار. وقد اعتمد مجلس التعاون بناء على توجيه القادة شعار أن المواطن هو محور التنمية الشاملة ومحركها مع تمكين الطاقات المبدعة من الإبداع والتعامل مع المستقبل ومتطلباته.

وحيث أشار الأمين العام لمجلس التعاون إلى أن العقد الخامس سيكون اقتصاديا بأهدافه ومشاريعه، فإننا نذكر بمشروعين ينتظرهما المواطن الخليجي، أولهما ربط دول المجلس بالسكة الحديدية، بحيث يركب المواطن القطار من الرياض إلى عواصم الخليج كافة وبكل سهولة ويسر، كما يساعد على نقل البضائع التي تعاني أحيانا التأخير والتوقف. أما المشروع الثاني فهو العملة الخليجية الموحدة، بحيث يدفع الخليجي مصروفاته ومشترياته بعملة واحدة في أي مكان من الخليج، إضافة إلى تسهيل التبادل التجاري. وقد استبشر المواطنون بوجود مقر مجلس التعاون الخليجي في أهم شارع من شوارع الرياض منذ أعوام.

وأخيرا لا بد أن نشير في هذه المناسبة إلى رجال مخلصين خدموا هذه المنظومة المباركة كأمناء عامين من جميع دول مجلس التعاون، وهم - مع حفظ الألقاب - عبدالله بشارة أول أمين عام للمجلس وهو من دولة الكويت، ثم فاهم القاسمي من الإمارات، وجميل الجيلان من السعودية، وعبدالرحمن العطية، من قطر، وعبداللطيف الزياني من البحرين، والأمين العام الحالي نايف الحجرف من الكويت. ومعظم من ذكرت عرفتهم عن قرب بصفتي إعلاميا وكاتبا مهتما بالشأن الخليجي، فوجدت فيهم الحماس والإخلاص لخدمة هذه المنطقة قادة وشعوبا.