المراجعات الدقيقة التي يقدمها الكاتب علي العميم عبر صحيفة "الشرق الأوسط" مميزة.

المقالة الأخيرة التي قدمها العميم تحت عنوان "إعلام إسلامي بمراجع يسارية" "30 أيار (مايو) 2021"، أعادتني إلى الجدليات التي كانت سائدة مطلع ثمانينيات القرن الماضي التي كانت تربط كل شيء بالإسلام. كان هناك حديث عن أدب إسلامي وإعلام إسلامي... إلخ. حتى الطب لم يسلم من ذلك.

تزامن هذا كله مع تحفيز من قبل تيارات ثبت تطرفها لاحقا، إذ كانت تريد تكريس جملة مفاهيم تتوسل بالدين لخدمة أجندتها.

وقد طال هذا الأمر حتى مفهوم الوطن والمواطنة، إذ كان جزءا من حزمة التغيير المطلوبة تكريس فكرة "جنسية المسلم عقيدته" وباسم هذه الفكرة تم تصوير الهموم والمشكلات في البوسنة والشيشان وفلسطين باعتبارها أولويات تسبق المواطنة. وكان البعض قد وصل إلى قناعة أن الاحتفاء بالوطن والاعتزاز به أمر غير حميد، والمفروض أن تطغى القراءات الإخوانية للمشهد.

وهكذا أصبح هناك نوع من التصالح مع مصطلحات الأدب الإسلامي والإعلام الإسلامي... إلخ. وكان أي نقاش لنقض مثل هذه الأفكار ينطوي على مخاطرة قد تصل إلى الإقصاء والتصنيف.

أعادت مقالة العميم تأكيد عدم منطقية فكرة الإعلام الإسلامي. كان هناك دراسات وكتب صدرت في هذا المجال طغى عليها القراءة الشرعية والقرآنية التي كانت تحاول استخراج نظريات إعلامية من القرآن الكريم. ومن المؤكد أن كل هذه الدراسات والرسائل بقيت مجرد كلام لا أثر له، لأن الممارسة العملية للمهنة الإعلامية قامت على أدوات ومهارات ونظريات جاءت حصيلة مجهود إنساني تمت الاستفادة منه في التطور الإعلامي.

كان من اللافت في ذلك الوقت وجود كتب بعضها مترجمة يتم الاجتزاء منها للوصول إلى نظرية إعلامية إسلامية. الكاتب علي العميم استشهد بعدة كتب كانت سائدة وقتها مثل، "تدفق المعلومات بين الدول النامية والدول المتقدمة" الذي ترجمه الدكتور فائق فهيم.
كل التجارب الإعلامية الناجحة بدأت من حيث انتهى الآخرون ولم تحاول إعادة اختراع العربة.