الاغتيال مصطلح يُستعمل لوصف عملية قتل منظّمة ومتعمَّدة تستهدف شخصية مهمة ذات تأثير في المجتمع، فالاغتيال جريمة جبانة ونكراء، لأسباب كثيرة، ناهيك بأن تكون بسلاح حكومي، ولعل أفضل مثال على ذلك إعلان الحكومة العراقية عن القبض على قتلة الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، الذي قتلته أيدي الغدر على يد ضابط عراقي منتمٍ لميليشيا طائفية مرتبطة بإيران استخدم سلاحه الحكومي في جريمة الاغتيال.

جريمة اغتيال الناشط العراقي السُّني هشام الهاشمي والمجاهرة بالعملية كانت محل انتقاد مستمر للحكومة، رغم تعهد رئيسها مصطفى الكاظمي بملاحقة الجناة وقد أوفى بعهده، وكما قال: «وعدنا بالقبض على قتلة هشام الهاشمي وأوفينا الوعد، وقبل ذلك وضعنا فرق الموت وقتلة أحمد عبد الصمد أمام العدالة، وقبضت قواتنا على المئات من المجرمين المتورطين بدم الأبرياء».
ولكن المؤلم كان السلاح المستخدَم وأن اليد الفاعلة تنتمي للحكومة، فالقاتل ضابط برتبة ملازم أول في وزارة الداخلية واستخدم سلاح الداخلية في قتل الضحية، ولهذا يسأل العراقيون عن الجهة التي حرّضت وأمرت بقتل الهاشمي الخبير الأمني، وفي ظل غياب المحرض الذي أعطى الأمر ستصبح العدالة منقوصة، خصوصاً أن ثلاثة من الجناة قد فروا إلى إيران.
اعترافات الكناني، قاتل الهاشمي، أنه مَن نفّذ عملية الاغتيال شخصياً بسلاح حكومي (نوع مسدس «كلوك») وأنه كان ينتمي لـ«حزب الله العراقي» المرتبط بإيران، تؤكد التورط الإيراني في عمليات الاغتيالات في العراق للناشطين والخبراء الذين يرفضون الوجود والهيمنة الإيرانية في العراق، فالشبكات التي تغتال العراقيين مرتبطة مباشرةً بـ«الحرس الثوري» الإيراني من زمن قاسم سليماني إلى خلفه، ففي العراق استهدفت الاغتيالات قرابة 70 ناشطاً منذ أن اندلعت الاحتجاجات ضد الحكومة بتهم الفساد وحماية الفاسدين.
المقتول سنيّ والقاتل شيعيّ، هذه هي المعادلة التي تلعب عليها المخابرات الإيرانية لضرب النسيج العراقي وجعله في حالة توتر وعداء مستمر، فالمخابرات الإيرانية تعمل باستمرار على ضمان استمرار حالة التوتر والعداء بين طوائف العراق، فالتغول الإيراني في العراق وحمايته للقتلى والجناة خصوصاً ميليشيات «الحشد الشعبي»، يؤكد تورط النظام الإيراني في عمليات الاغتيالات التي تشهدها الساحة العراقية.
في ذاكرة الاغتيالات كذلك اُغتيل السادات الرئيس المصري الأسبق، ونفّذ عملية الاغتيال الملازم أول خالد الإسلامبولي، وبسلاح حكومي أيضاً، وجاء مرسي العياط بعد ثلاثين عاماً ليطلق سراح مَن تبقى من الجناة وأبقاهم إلى جانبه في المنصة في احتفالات أكتوبر (تشرين الأول) ذكرى اغتيال الرئيس السادات.
الاغتيال بسلاح حكومي كان أكثر كارثية في ليبيا الغارقة في فوضى الميليشيات المسلحة، ففي عام 2012 عند تولت حكومة «الإخوان» السلطة اشترت وزارة الدفاع عن طريق وكيل الوزارة خالد الشريف المكنّى «أبو حازم» في أثناء وجوده في أفغانستان والذي كان ينتمي للجماعة الليبية المقاتلة (فرع «القاعدة» الليبي) آلاف المسدسات الكاتمة للصوت والآلاف من المفخخات اللاصقة التي تنفجر بمجرد انطلاق المركبة أو السيارة التي ألصقت تحت محركها، استخدمتها الميليشيات الموالية لـ«الإخوان» فيما بعد في اغتيال ومقتل أكثر من 800 ضابط في الجيش الليبي أغلبهم في مدينة بنغازي عام 2013، فكان القتل والاغتيال بسلاح حكومي.
وكذلك فعل الإرهابي هشام عشماوي الضابط المتمرد في الجيش المصري، الذي قتل رفقاء السلاح، بسلاح الحكومة بعد أن غدر بهم في عشية صيامهم رمضان في سيناء.
الاغتيال عبر التاريخ لم يحقق هدفاً ولا نصراً دائماً، فالاغتيال مهما تحصّن واختبأ خلف إصبعه، سيبقى حبيس ضحيته التي تلاحقه حتى يقع في يد العدالة، والأمثلة كثيرة.