قالت: هناك أشياء تقتل الحب، وأشياء أخرى تمنحه عمراً وحياة أطول.

قلت: الخيانة تقتل الحب بالضربة القاضية، وخيانة الروح مثل خيانة الجسد، لأنها تسحب من الحب النبض والصدق والأمانة.. والكذب من ألدّ أعداء الحب لأنه قبل أن يقتل الحب يقتل الضمير، والحب حين يخسر الضمير يخسر كل شيء.

والبعد قد يطيل عمر الحب وقد يكون نهايته، فالبعد أحياناً يثير الأشواق ويشعل الحنين، ولكنه أحياناً يحمل الملل والألم والوحشة، ومن أجمل الأشياء التي تزيد الحب أشواقاً ولهفةً، الاهتمام، لأن الإهمال أخطر أعداء الحب.. إنه يغيّر المشاعر ويبدل القلوب، وكثيراً ما يكون الإهمال سبباً في الزهد والبعد والفراق.

ومن أهم المشاعر التي تمنح الحب الاستمرار والبقاء، أن يسعى كل طرف لإسعاد الآخر، لأن الأنانية في الحب تجعله نوعاً من التملك، وإذا كانت الملكية في كل شيء، فإن الأحباب ليسوا مُلاَّكاً لأننا نختار من نحب اختياراً ولا أحد يفرضه علينا.

إن الحب شركة بين اثنين، تخسر كل شيء بالخيانة، ولا يبقى منها أي شيء بالأنانية، والصدق والأمانة هما المكسب الوحيد..

وآخر ما يبقي من الحب إذا رحل هو رصيد ذكرياته، وإذا تركت حبيباً أو فرضت عليك الظروف ودَاعَه فلا تترك له جراحاً، والأفضل عادة أن تتصافح الأيدي وتتصافى القلوب، ولا تبقى غير ذكريات جميلة تحن إليها القلوب كلما زادت وحشة الأيام ولياليها الطويلة..

والبعد لا يقتل الحب، إنما الجفاء، والإهمال يغلق كل طريق للتصالح، والخيانة لا تقتل الحب فقط ولكنها تقتل الأمانة.

والإنسان العاقل يترك لحبيبهِ مشاعر من البهجة، وشيئاً من الحنين، وقليلاً من الذكريات.. فأنت لا تدري متي تهدأ العواصف وتسكن القلوب.

ولأن أسواق البيع في كل مكان، وهي تبيع كل شيء: البشر والأشياء والمشاعر، لذا فكل ما تحرص عليه هو قلب أخلص لك ولم يفرط فيك، وبقي علي عهده، ودعك ممن خان أو خدع أو فارق وابتعد.. فحافظ فقط على من صان عمره معك، واترك في قلبك مساحة لحبيب سافر أو غاب أو هجر ربما حمله الحنين يوماً، وأعاد ما انكسر:

حينْ افترقنا

تَمنيتُ سُوقاً يبيعُ السِنيــنْ يُعيدُ القلوبَ وَيُحـي الحَنيـنْ

تَمَّردَ قلبِي وَقالَ انتَهـــينَا وَدَعنا مِن العِشق وَالعَاشِقينْ

تَمنيتُ سُوقاً يَبيــعُ السِنينْ أُبَّدلُ قَلبي وَعُمـــري لَديهِ

وَألقاكِ يَومـــاً بِقلبٍ جَديدٍ تَمنيتُ لوْ عَاد نَهــرُ الحَياةِ

يُكَّسِرُ فِينا تِلَال الجَليـــــدِ وَلكنَّ قَلبيْ مَا عَــــاد قَلبيْ

تَغَّــربَ عَنكِ تَغَّــربَ عَنِي وَمَا عَادَ يَعــرف مَاذا يُريدْ!