لم يكن الأخ العزيز النائب السابق الدكتور فيصل المسلم خائناً لوطنه ليحاسب، ولم يرتكب جُرماً بعد عودته من المنفى السياسي ليعاقب.. بل صدح بالحق الوطني والدستوري في كلمته مؤخراً.

عبر د. فيصل المسلم بحس إنساني ووطني عن لوعة الغربة بعيداً عن الوطن والأسرة.. حرقة مشروعة.. لا يعرفها سوى من كابدها.. غضب وعتب امتزجا في المفردات واللسان والتعابير الصادقة من دون تصنع ولا بطولة وهمية.. قول صريح من عقل وضمير محب للكويت وأهلها.

حرقة الظلم لا يدركها إلا من اكتوى منها، وصرخة المظلوم حملها الدكتور فيصل المسلم كما وردت نصاً في خطابه العلني بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من الغربة القسرية.. ابن بار حرمه الزمن من وداع والدته وتقبيل الجبين بعد وفاتها وقبل دفنها.

عاد الأخ النائب السابق الدكتور فيصل المسلم مؤخراً بعد صدور العفو الكريم من صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح، حفظه الله، مع عدد اخر من النواب السابقين ومواطنين آخرين.. لكن تفاوتت التغطية الإعلامية للحدث بالرغم من أهميته.

تفاوتت التغطية الإخبارية للخطاب الذي ألقاه د. فيصل المسلم بعد عودته بسبب الانتقائية والخصومة السياسية وعدم المهنية لبعض الجهات الإعلامية وفي مقدمتها الإعلام الرسمي، دون مراعاة الوجه المشرق للعفو الكريم الصادر من سمو الأمير وللكويت كدولة ذات نظام ديموقراطي دستوري.

فرض الخطاب السياسي للأخ النائب السابق الدكتور فيصل المسلم نفسه بمضمونه ومحاوره على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعكس ذلك حجم التفاعل والفرح الشعبي بعودة فارس سياسي ووطني من منفاه الاختياري.

وجه البعض عتباً قاسياً، للنائب السابق د. فيصل المسلم، دون رحمة وتروٍ، فيما انبرى آخرون في التفسير والتأويل للنوايا وخطابه المفتوح.. التفت هؤلاء عن سقف رغد العيش وترف الحياة التي تمتعوا فيها.. بينما لهيب نار الفراق والغربة كان يتوطن في وجدان فيصل المسلم.

فجرت كلمة النائب السابق د. فيصل المسلم الوجه القبيح والحقيقي للبعض في الانتقام السياسي قولاً وربما فعلاً، خصوصاً بعد ما أثير من لغط حول تعطل عمل لجنة العفو الصادرة بمرسوم أميري وتعامل رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد مع تلك الأخبار!

خرج رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد بمبرر لم يكن موضوعياً ولا منطقياً ومرفوض سياسياً بقوله «ان عمل لجنة العفو توقف بسبب التشكيل الوزاري»، بينما تناسى ذات الشخص الغاية الإنسانية والسياسية من العفو الكريم!

هناك عناد سياسي سافر لدى البعض ممن لديهم النفوذ في توجيه التطورات العامة لمصلحتهم ولخدمة مصالحهم، وهي ظاهرة سلوكية شاذة وحالة مرضية يتصدرها حب الذات وليس المصلحة العامة!

يأتي الانتقام السياسي كتطور حتمي للعناد والمكابرة لمن يصاب بهوس الطواويس والتجبر في النفوذ والرأي ومصادرة حقوق التعبير للآراء المغايرة، بل الانتقام منهم سياسياً، ولعل خير مثال ما يتعرض له الدكتور فيصل المسلم!

إننا أمام استحقاق دستوري في التصدي لهذا العبث والانتقام السياسي حتى لا تتحول الساحة إلى دويلات مجازاً وفوضى سياسية عارمة ضمن دولة الكويت المدنية ذات النظام السياسي الدستوري.