من أهم القرارات التي أصدرها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله) القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2021 بشأن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وكما ذكر رئيس الهيئة، سعادة مقصود كروز، أن إنشاء الهيئة له عدة ميزات رئيسية واستثنائية، من أهمها أن روح القانون وبكل مواده وتفاصيله ملتزمة بمبادئ باريس، وهي عبارة عن مجموعة من المبادئ التي تنظم مفهوم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان باعتبارها مؤسسات تتميز بالاستقلالية والتعددية والتنوع تتواصل مباشرة مع الجمهور.
كل ما تم يتعلق بمفاهيم ومبادئ تؤكد على إصرار دولة الإمارات الفتية على المضي قدماً في الخمسين عاماً القادمة برؤيتها الواعدة، والتي يأتي الإنسان في قلبها. لكن ماذا لو اصطدمت هذه الرؤى النموذجية بمنظمات حقوق الإنسان الدولية، والتي كما نرى الكثير منها قد فقدت مصداقيتها وحياديتها وأصبحت تقاريرها مليئة بالازدواجية، فهي تغض الطرف عن دول تمارس أبشع أنواع العنصرية والتطرف والتنكيل بشعوبها، وتمارس الانحياز ضد دول أخرى بحجج مختلفة، مثل الدفاع عن المنشقين المؤدلجين ضد استقرار الدول وأمنها!
ومن هنا تأتي أهمية التوضيح لهذه المنظمات أن الكثير من هؤلاء المنشقين يعتنقون فكراً مؤدلجاً متطرفاً يضر باستقرار الدول، ولا يمكن خلط الحابل بالنابل بين حقوق الإنسان وتأمين الأوطان.
ولعل المنصب الذي تقلده الدكتور مقصود كروز بخبرته كرئيس تنفيذي لمركز «هداية الدولي لمكافحة التطرف»، واتصاله مع المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، يجعله أفضل من يوضح لهذه المنظمات أن هناك من يدعو بشكل مستمر إلى ثقافة الموت والتدمير، وهو عكس ما تسعى إليه دولة الإمارات، وأي دولة متقدمة من الترويج لثقافة الحياة والتعبير، كما أن منصبه السابق، كمستشار الاتصال الاستراتيجي، يمكنه من توصيل هذه المعلومات بشكل دقيق للإعلام الدولي.
إضافة إلى ذلك، من أهم ما ذكره الدكتور مقصود كروز أن الشعار الأساسي الذي سوف تحمله الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان هو «اعرف حقوقك»، وبالتالي سيتم رفع مستوى وعي المجتمع لمعرفة حقوقهم، من خلال تدشين حوارات بناءة وتبادل الأفكار والطروحات، باعتبار أن ملف حقوق الإنسان يعني الجميع وهذه نقطة مهمة للغاية، أولاً، توثق علاقة الإنسان بالدولة.
وثانياً، لأن هذا الوعي يمكّن أي شخص من التمييز بين حقوق الإنسان، وبين من يستغل ذلك لأهداف وأطماع سياسية تخل بأمن الوطن، وكون سعادة رئيس الهيئة ينتمي إلى أسرة متعددة الثقافات، الوالد ألماني والوالدة إماراتية، فهذا يجعله أكثر إقناعاً بهذه المبادئ والمفاهيم على المستويين المحلي والدولي.
إن عمل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان على المستوى المحلي، أمر يحتاج إلى التعاون من جهات على جميع المستويات، لكن أهم نقطة هي ماهية المنهجية التي ستتبعها الهيئة في التعامل مع بعض منظمات حقوق الإنسان الدولية المسيسة.