الهجمات التي تشنها الميليشيات التابعة لإيران ضد منازل نواب ومكاتب أحزاب تتحالف مع “الكتلة الصدرية”، تجري لأجل أمرين.

الأول، أن توفر لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني ذريعة للقدوم إلى النجف من أجل رأب الصدع داخل “البيت الشيعي” ومحاولة إيجاد سبيل لاشتراك الطرفين المتنازعين: “الإطار التنسيقي” و”التيار الصدري” في حكومة “توافقية”. إذ لولا وجود قلاقل وهجمات، من صنيع إيران، فماذا سيكون المبرر لكي تلعب إيران دورا في “التهدئة” وإصلاح ذات البين؟

والثاني، هو أن الميليشيات الإيرانية تريد أن تبلغ مقتدى الصدر رسالة مفادها أنها قادرة على زعزعة الاستقرار إذا ما تم استبعادها من السلطة. وهي تُبلغ هذه الرسالة لأنها تعرف مسبقا أن الصدر ضعيف، وتحالفاته هشة، وقوته مُخترقة.

تدبير الهجمات، وبعضها كان ذا طابع استعراضي، يكشف، على أيّ حال، جانبا من جوانب الخبث الذي يمارسه هذا السرطان للتحكم بالعراق وأحزابه وجماعاته. فإيران التي تفتق الفتق، تسارع للقيام بالمبادرة لرتقه، ظنا منها أنها تستغبي العراقيين “بنياتها الحسنة”.

قاآني جاء إلى النجف ليجري مباحثات مع الصدر، ولإقناعه بأنه “ساع من سعاة الخير” بين فصائل البيت الشيعي، رغم أنه هو الذي أصدر الأوامر بشن تلك الهجمات. وهو جعلها هجمات استعراضية، لا تقتل أحدا، لكي لا يقطع الطريق على نفسه وعلى جماعاته بأن تُبقي أبواب التفاوض مفتوحة مع الأطراف المستهدفة. ولكن لكي يُبلغها طبعا، بأن يد إيران يمكن أن تطالها في أي وقت.

وهو قام بزيارة قبر والد الصدر، محمد صادق الصدر، ليس ليقرأ الفاتحة على روحه، وإنما على روح “حكومة الأغلبية” الـ”لاشرقية” والـ”لاغربية” التي يدعو لها الصدر الابن.

جولة من جولات النفاق والتمسح أمر مألوف في محاولات الاستعطاف. إلا أنه نفاق وتهديد في آن. بمعنى أن الفاتحة يمكن أن تُقرأ على روح الابن أيضا إذا تمسّك بالعناد.

ولا حاجة لمعرفة النتائج. الهجمات المسلحة هي التي ستقدم الجواب. إذ أن بوسع إيران أن تحرك ما هو أكثر من جماعاتها نفسها، في مواجهة حكومة الصدر المزمعة، إذا لم تأت على هوى “التوافق” مع إيران.