ماذا بعد؟ هو السؤال الأكثر حضوراً لدى كثيرين حول ميليشيا «الحوثي»، التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر ثم، هل ستقف الدول الكبرى مكتوفة الأيدي حيال ذلك؟ وكيف لها مواصلة تجاهل ما يحدث؟

لا شك أن الموقف الدولي الحالي – بعدم اتخاذه موقفاً جدياً - يعزز سلوك «الحوثيين» الذين لم يواجهوا حتى اليوم رداً رادعاً يشل حركتهم، وكي يسلم الجميع مما يترتب على هذا السلوك من آثار سلبية على المجتمع الدولي دولاً ومؤسسات تصنيفهم كحركة إرهابية، وهو الأمر الذي فعلته الإدارة الأميركية السابقة حين أدرجت «الحوثيين» على لائحتها السوداء، ثم ما لبث أن رفعت الإدارة الحالية الاسم من تلك القائمة علّهم يغيرون سلوكهم، غير أن ذلك لم يحدث، وبالتالي تُعتبر إعادتهم إلى تلك القائمة ضرورة ملحة، خصوصاً وأنهم رفضوا كل دعوات السلام، وعطلوا جهود الأمم المتحدة نحو ذلك، وواصلوا محاولاتهم لبسط سيطرتهم على كامل أراضي اليمن، إن الموقف الصارم حيال «الحوثيين» وتجفيف مصادر دعمهم بالمال، أو بالسلاح أو بالخبرات من أهم سبل ردعهم، وإلا سيستمرون في تماديهم، كما تجب معاقبة الدول والجهات الداعمة لهم مهما يكن حجم وشكل هذا الدعم.

العالم بأسره يشهد كيف تدهورت أوضاع اليمن بعد الانقلاب على الشرعية، وما كان التدخل العربي إلا لحماية مصالح هذا البلد، والتصدي للمخططات التي سعت -وما تزال- إلى تقوية شوكة «الحوثيين» الذين يريدون الاستيلاء على الحكم بأي صورة حتى وإن أهلكوا الناس وحولوا الأرض إلى خراب، وإن حدث ذلك فسيصبح المكان خنجراً مسموماً سيصيب كل عربي في مقتل، لهذا تعمل دولة الإمارات وبالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وبقية أعضاء التحالف من أجل قطع الطريق على «الحوثيين» وداعميهم، وتبذل جهوداً دبلوماسية وتنفق عسكرياً واقتصادياً لقطع الطريق على «الحوثيين»، وذلك من أجل ترسيخ استقرار المنطقة، وهو أمر لا بد منه، وضرورة حتمية من المهم جداً تحقيقها، وواجب لا يمكن التنصل منه.

إن التحديات والأزمات المتلاحقة التي تشهدها منطقتنا تتطلب من جميع دولها موقفاً موحداً وعملاً مشتركاً ومتناغماً، لأن المواجهة تستلزم الاتفاق في الرأي، والحزم في اتخاذ القرار، والقوة في التصدي على الباغي الذي يريد الاستئثار بالحكم. وفي المقابل تدرك الإمارات أن التحديات جسام، وأن تحقيق التقارب والتواصل بين دول المنطقة الخليجية والعربية ليس بالمسألة اليسيرة.

وفي المقابل، فإن استمرار التباعد أو القطيعة بين تلك الدول سيؤخر الدول ذاتها بالدرجة الأولى، وثانياً، سيؤخر العمل العربي المشترك الذي يحتاج تقدمه بالضرورة إلى رؤى واضحة ومشتركة، وتعزيز العلاقات فيما بين تلك الدول بما يعود عليها بالنفع فرادى ومجموعة، ويحقق لها التوازن في الساحتين الإقليمية والدولية.

«الحوثيون» وبدعم خارجي يريدون تسلم الحكم في اليمن، وهم يريدون أيضاً تطبيق أجندة ليست يمنية على الإطلاق، وهو ما يُخرج اليمن من الدائرة العربية من جهة القرار السياسي. ولإيقاف هذا المخطط من الضروري جداً اتخاذ موقف مشترك واضح وصارم وحاسم ضد «الحوثيين» ومشروعهم. نعلم أن الحوار الخليجي – الخليجي سيؤتي أكله، لكن في المقابل لا بد من إيجاد مساحة حوار عربية – عربية لتناول هذه القضية بالتحديد لكونها قضية ملحّة، وليس من صالح أحد أن يتخذ دور المتفرج.

إن شعوب ودول المنطقة في غنى عن المزيد من التباعد والخلاف، والتاريخ دوماً يذكّرنا بمواطن الألم، وإن ما نحتاجه حقاً هو عدم التسليم – من باب الضعف - بما يقوم به «الحوثيون» ومن يدعمهم ويقوّي شوكتهم، نحن مجتمعون قادرون على إعادة اليمن إلى الصف العربي.