سيكون عاماً يحفر تاريخه في ذاكرة الوطن، حيث يجري فيه الاحتفاء «لأول مرة» بيوم التأسيس، الذي صدر الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بأن يكون يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير في كل عام موعداً نستذكر فيه ونعتز بالمكتسبات التي تمخضت عن هذا اليوم، الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية، عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية عام (1139هـ / 1727م).
عديدة هي مصادر الاعتزاز بهذا اليوم المجيد، الذي تمتد جذوره في تاريخ هذه الأرض، إلا أن من بين أهم ما يجسد ويذكي حسياً هذا الاعتزاز هي الدرعية التاريخية، المدينة التي تمثل أحد جذور هذا التأسيس الراسخة، وأبرز صروحه الحضارية الشامخة، فهي الحاضن لانطلاق وحدة الوطن، ونشر الاستقرار والأمن وبث التنمية والنماء في أرجائه، وهي في ذات الوقت الجسر الذي يربط ماضي الدولة السعودية التليد بحاضرها المشرق، يعكس ذلك إجماع أعضاء لجنة التراث العالمي في منظمة اليونسكو - وهو قليل ما يحدث - على تسجيل حي «الطريف» في تلك المدينة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي، ما يعبر عن اعتراف عالمي بتفرد الموقع وكذلك الثقافة التي تشكلت فيه وخرجت منه إلى العالم أجمع، حيث وضعت تلك الخطوة الدرعية التاريخية في موقعها الذي تستحقه ضمن منظومة التراث العالمي، جراء ما شهدته المدينة من أحداث أسهمت في تحولات كبيرة بتاريخ شبه الجزيرة العربية، منذ أن قام الإمام محمد بن سعود بالعمل على تأسيس الدولة السعودية الأولى، وتوحيد أرجاء الجزيرة العربية في دولة واحدة، لم تشهدها المنطقة منذ أيام الدولة الإسلامية الأولى، والعمل على نشر الدعوة السلفية الإصلاحية، ليعم أثرها العالمين العربي والإسلامي.
من تلك اللحظة التاريخية الفارقة التي وضع فيها موقع المدينة على خارطة التراث العالمي، بدأ برنامج تطوير الدرعية التاريخية تتسارع خطواته، ومراحله يتوالى تنفيذها من أجل تحويل المناطق الأثرية والتراثية في الدرعية إلى مركز ثقافي وحضاري على المستوى الوطني، يستمد قيمته من الدور الريادي والحضاري للدرعية كمنطلق للدعوة ونواة للدولة السعودية، وكذلك في اتخاذ أحياء الدرعية التاريخية والقديمة نواةً ومحوراً للتطوير العمراني والثقافي. ليعبر النجاح في برنامج تطوير الدرعية التاريخيـة عن سـلسلة نجاحـات يتـسع نطاقها - بإذن الله - ليشمل برامج تطوير المناطق التاريخية في مدن المملكة الأخرى.
التعليقات