التغييرات المتسارعة التي تحدث في عالمنا اليوم تجعلنا في أزمة مواجهة حقيقية بين بعض الأفكار التقليدية والواقع المعيش، هذه الأفكار التي كانت تصلح في زمن ما اليوم أصبح التقيد بها في عصرنا الحالي نوعا من الجمود والتشنج الفكري غير المبرر، فيما مضى لم يكن شراء شقة تمليك للسكن فيها واردا ضمن أجندة الأسرة السعودية، حيث كانت الفلل والمساحات الشاسعة والحوش الفسيح هي الفكرة الوحيدة المتعارف عليها، أما الشقق فقد كانت وقتها للأزواج الجدد يستأجرونها كوضع مؤقت حتى ينتقلوا لبيت العمر الذي سيكون فيلا بالطبع، اليوم يمر العالم بمنعطف اقتصادي ليس هينا ولأننا لسنا بمعزل عنه وكوننا جزءا منه، فإن تلك الأفكار التقليدية حان وقت تغييرها على حسب المستجدات الاقتصادية الواقعية، فمتطلبات العصر الترفيهية والتغييرات الاجتماعية وغيرها تشير إلى ضرورة تغيير الفكرة القائمة حول ضرورة أن يكون بيت العمر فيلا وليس شقة، أتحدث عن أولئك الذين يبدأون حياتهم الزوجية.
من الناحية الاجتماعية سنجد أن هناك تغييرات طرأت على المجتمع، فالمتزوجون الشباب من الجنسين أصبحوا يفضلون الالتقاء بأصدقائهم في الكافيهات والمولات، وكذلك دعوات الطعام تتم عادة في مطاعم وجبات سريعة أو غيرها، كما أن إنجاب الأطفال لم يعد بالوتيرة المتسارعة نفسها في عهد الآباء بل ربما اكتفى بعضهم بطفلين أو ثلاثة خلال هذه الفترة، أما من الناحية الاقتصادية فارتفاع سعر العقار والأراضي، والقروض البنكية التي تلتهم جزءا كبيرا من الراتب، والمتطلبات الترفيهية للأسرة التي أصبحت ضرورة عصرية، كل ما سبق يجعلنا أمام ضرورة تغيير الفكرة السابقة التي ترتكز على مفهوم أن بيت العمر يجب أن يكون فيلا بمساحة لا تقل عن 500 متر، أنا هنا أتحدث عن الشباب حديثي الزواج ممن مضى على زواجهم عشرة أعوام وأقل، خلال هذه الفترة سيكون القرض الذي يدفعونه لشقة تمليك بمنزلة ادخار مالي سيدعمهم فيما بعد لشراء بيت العمر "الفيلا"، وهو بالطبع أفضل كثيرا من إيجار سنوي لن يستفيدوا منه كمستأجرين.
بعد عشرة أعوام من الزواج وحين يرغبون في شراء بيت العمر "الفيلا" يجب أن يكون متناسبا واحتياجات الأسرة الناشئة ومتاحا ضمن ميزانيتها المتوافرة، لا عذر مطلقا لهم بتحمل قروض مرهقة لبناء "فيلا" أكبر من احتياجهم وميزانيتهم حتى فقط تحوز على إعجاب الآخرين.
وخزة
"السعادة لا تصنعها مساحات المنزل بل تصنعها مساحات القلوب المطمئنة".