من ضمن الابتكارات التقنية المتعددة في عصرنا هذا، هناك البطارية المتقدمة ذات الطاقة التخزينية العالية للطاقة، التي بدأت تلعب دوراً مهماً في قطاع الطاقة اليوم ومن المتوقع مستقبلاً، أيضاً. وقد صدر مؤخراً، ضمن سلسلة الدراسات البحثية عن «مؤسسة عبد الله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة» في الدوحة، دراسة استشرافية حول البطاريات المتقدمة وآثارها ودورها مستقبلاً. ونستعرض هنا ترجمة موجزة وبتصرف للدراسة المنشورة باللغة الإنجليزية.
من اللافت للنظر، أن السيارة ذات محرك الاحتراق الداخلي التي تحرق البنزين أو الديزل قد طرأ عليها تغيرات مهمة منذ أن تم اكتشافها قبل قرن تقريباً. وقد شملت هذه التغييرات موديلات السيارات ووسائل الترفيه فيها، من مقاعد مريحة وواسعة ومساحة أوسع للحقائب والتخزين والتبريد والتدفئة، ناهيك عن إضافة مختلف وسائل الاتصال من هواتف وراديوات، بل وحتى التلفزيون. ولربما التغيير الأكبر في السيارات هو استبدال الموديلات الأميركية الضخمة خلال النصف الثاني من القرن العشرين بالموديلات الآسيوية والأوروبية الأصغر حجماً الأقل استهلاكاً للوقود. لكن طوال استعمال السيارة على مدى قرن استمر الاعتماد على أنواع البطاريات نفسها عموماً، دون أي تغيير جذري يذكر. والاستثناء هو البطارية المتقدمة في السيارة الكهربائية. وكما هو معروف بالطبع، فإن استعمال البطاريات المتقدمة قد انتشر في قطاعات متعددة لتوليد الكهرباء، بالذات لتحقيق مخزون أكبر وأوسع للطاقة عما كانت توفره سابقاً البطاريات القديمة.
لماذا البطاريات المتقدمة؟ ولماذا غزوها السريع لقطاعات الطاقة المتعددة (البترولية والمستدامة) والأسواق العالمية؟ توفر البطاريات المتقدمة وسيلة أوسع وأطول لتخزين الطاقة، في حال انقطاع الطاقة عن المستهلك. ومن مزاياها، أيضاً، انخفاض كلفة الطاقة الناتجة عنها، وازدياد عوامل السلامة في الوقت نفسه، مقارنة بوسائل توليد الكهرباء الأخرى. وتشير الأبحاث الجارية حالياً إلى إمكانية ازدياد الاستفادة من البطاريات المتقدمة مستقبلاً. وتنصب الأبحاث لتخفيض الانبعاثات ولزيادة سعة الطاقة التخزينية، بالذات لاستعمالها خلال فترات ذروة الاستهلاك. وقد انتشرت بسرعة البطاريات المتقدمة في بعض دول الشرق الأوسط، بالذات تلك التي تعاني من انقطاعات طويلة ومستمرة للكهرباء، حيث تم تركيب البطاريات المتقدمة المستخدمة لليثيوم للاستفادة من الطاقة الواسعة التي تخزنها وللبنى التحتية البسيطة نسبياً التي تحتاجها في البيوت، ولانخفاض تكاليف استعمالها وصيانتها.
وكما هو الحال في الكثير من السلع التقنية، تواجه البطاريات القديمة والمتقدمة التحديات. إذ تواجه البطاريات المتقدمة، مثل تلك المستعملة لليثيوم، من محدودية توفر المعدن عالمياً. وهناك مشكلة انبعاثات سمية تفرز منها نظراً لأنواع المعادن المستعملة.
وتواجه البطارية التقليدية من عدم المعرفة بالضبط من انتهاء مدتها ومدى فترة عملها، بالإضافة إلى انخفاض سعة تخزينها للطاقة بالنسبة للبطارية المتقدمة.
تلعب البطارية المتقدمة دوراً مهماً عند التحليل الكهربائي في السوائل، عند فصل الهيدروجين عن الماء أو النفط. كما توفر البطارية المتقدمة إمكانية لدعم الطرق التقليدية لمكافحة التغير المناخي.
عموماً، شكل عام 2021 سنة مهمة لتطور الطاقات المستدامة، رغم الجائحة والانكماش الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الأولية. والسبب الرئيس لذلك، هو زيادة استهلاك الطاقات المستدامة من رياح وشمسية في توليد الكهرباء، مما أدى إلى زيادة استعمال الطاقات المستدامة في توليد الكهرباء، ومن ثم الاعتماد على البطاريات المتقدمة للاستفادة من التخزين الواسع للطاقة للناتجة عنها.
إن التوسع المتوقع لاستعمال الطاقات المستدامة، سيشمل قطاع المواصلات وتوليد الكهرباء، الذي بدوره سيؤدي إلى زيادة في الاعتماد على البطاريات المتقدمة لتخزين الطاقات الناتجة عن طاقات الرياح والشمسية.