لقد نعى العالم العربي إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا العظمى، فهي صديقة ثابتة للمنطقة طوال سبعة عقود من حكمها، لكن علاقتها بالأسر الحاكمة عموماً وفي دول الخليج على وجه التحديد متميزة لأنهم متفقون على نظام وتقاليد حكم يعززان الأمن والاستقرار. وقد اختصر معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تغريدته جوهر هذه العلاقة القوية: «الاهتمام العالمي الكبير برحيل الملكة إليزابيث الثانية في جوهره تفاعل مع شخصية عامة كرست حياتها لخدمة بلادها بحكمة والتزام عبر عقود، وتفاعل مع المؤسسة التي تضمن الاستقرار والتقاليد التي تعزّز مسيرة الأوطان».
بالنسبة للعديد من قيادات الدول بجميع أنحاء الشرق الأوسط، وفاة الملكة إليزابيث لا تعني فقط وفاة زميلة، بل أيضاً صديقة لها تاريخ حافل يعود إلى الأيام الأولى من حكمها في 6 فبراير 1952، وهو اليوم الذي توفي فيه والدها، الملك جورج السادس، في ساندرينجهام هاوس في نورفولك، بينما كانت إليزابيث البالغة حينها من العمر 25 عاماً وزوجها فيليب دوق إدنبرة في كينيا خلال جولة بالقارة الأفريقية.
تعززت العلاقات البريطانية مع الخليج من خلال زيارة الملكة إليزابيث إلى المنطقة في أوائل السبعينيات. كانت أبرز جولة لها في المنطقة في عام 1979، عندما سافرت إلى منطقة الخليج العربي وزارت المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر وعُمان والإمارات العربية المتحدة، وهذا كان بعد ثماني سنوات من اتحاد الإمارات في عام 1971.
وبعد وصولها على متن يختها الملكي، استقبلت الملكة من قِبل الأب المؤسس لدولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقامت بجولة حول مبنى البلدية الجديد وميناء جبل علي. فقد قال كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني: «أقامت الملكية البريطانية من خلال جهود (الملكة إليزابيث) علاقات وثيقة وطيدة مع دول الخليج. كانت زيارتها عام 1979 لجميع دول الخليج العربية الست جديرة بالملاحظة بشكل خاص لأنها أبحرت دون رادع في مياه الخليج العاصفة بعد الثورة الإيرانية على متن يخت بريطانيا الملكي. وقد ساعد هذا في ترسيخ الروابط في الحقبة التي أعقبت مغادرة بريطانيا الخليج في عام 1971». ففي هذه الزيارة عززت الملكة علاقة الشراكة الجديدة مع هذه البلدان الناشئة بدلاً من التعامل على أساس كونها إمبراطورية. ووصف السير «شيرارد كوبر كولز»، السفير البريطاني لدى السعودية من عام 2003 إلى عام 2006، العلاقة: «المسائل الجادة، مثل اتفاقيات التجارة والدفاع، غالباً ما تكون موضوعات المناقشة خلال مثل هذه الاجتماعات.لكن المرح اللطيف، وليس الصرامة، كان السمة المميزة للتجمعات الخاصة بين العائلات المالكة». فالملكة إليزابيث حافظت على علاقات وطيدة مع دول الخليج لمدة طويلة وهذا يرجع لصلابتها وهدوئها وواقعيتها السياسية، وهذا ما نتوقعه ونأمله خلال عهد الملك الجديد خلال الشهور والسنوات المقبلة.
- آخر تحديث :
التعليقات