في بداية الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت يوم 24 فبراير الماضي، تحدّث الرئيس الأميركي جو بايدن عن «انهيار الاقتصاد الروسي» تحت وطأة العقوبات الغربية، لكن بعد مرور سبعة أشهر، ماذا تحقق من توقعاته؟ وهل استطاعت روسيا الالتفاف على هذه العقوبات وإفشالها؟

في أبريل الماضي، أي بعد شهرين على انطلاق الحرب، توقّع صندوق النقد الدولي انكماشَ الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 8.5%، ثم عدّل توقعاتِه بأن يكون الانكماش بنسبة 6% خلال العام الحالي، وأن ينخفض في العام المقبل بنسبة 3.5%.

ومما ساعد روسيا على امتصاص صدمة العقوبات في البداية، تلك الاستعدادات التي بدأت منذ فرض العقوبات السابقة عليها إثر ضمها جزيرة القرم عام 2014. وأسهم ذلك في تفادي أي انهيار للاقتصاد، مع العلم أنه في بداية فرض العقوبات تراجعت العملة الروسية إلى أدنى مستوى لها أمام الدولار، خصوصاً بعد تجميد الغرب أكثر من 600 مليار دولار من الودائع الروسية، لكن الروبل عاد وارتفعت قيمته، رغم تهديدات الرئيس بايدن بتحويله إلى«ركام».

لا شك في أن قطع شريان الحياة الرئيسي لروسيا، أي عائدات تصدير النفط والغاز، يلحق أضراراً باقتصادها. ويستذكر الخبراءُ الروس أن موازنة عام 2020 سجلت فائضاً بقيمة 13.6 مليار دولار، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وترك ذلك ارتياحاً لدى موسكو التي تفاءلت بفترة التخطيط لتطور الإيرادات الفيدرالية من 317.7 مليار دولار عام 2020 إلى 331.12 مليار 2021، ثم إلى 343.9 مليار دولار عام 2022.

ووفق بيانات رسمية، فقد راكمت روسيا فائضاً في موازنتها بلغ 23 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، لكنه انخفض بنهاية أغسطس إلى 2.3 مليار دولار. وذلك بسبب انخفاض صادرات الطاقة بصفة خاصة إلى أوروبا، إذ تراجعت إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إليها لتمثل نحو 20% فقط مما كانت عليه قبل الحرب. ومع توقع استمرار التراجع خلال سبتمبر الحالي، فإنه قد يأتي على بقية فائض الموازنة. ومن الطبيعي أن تزداد الخسائر بعد تطبيق الحظر الأوروبي على نفط روسيا المشحون بالناقلات في ديسمبر المقبل، وعلى منتجاتها النفطية المكررة في فبراير 2023.

وتعاني موازنة روسيا عجزاً بلغ في يوليو الماضي 14.9 مليار دولار، و«فجوة» تعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي ينتظر أن تكبر مع انخفاض الإيرادات وزيادة الإنفاق، لاسيما الإنفاق العسكري الذي كان مقدراً بنحو 3.5 مليار دولار للعام بكامله، لكنه تجاوز هذا المستوى في سبتمبر الحالي.

ويبدو أن مجلس الدائنين «سي دي إس» الذي يقوم بإدارة مبادلات الديون المتعثرة من خلال تنظيم مزادات عليها، أكد خلال اجتماع عقده في 12 أغسطس الماضي تأخر موسكو عن سداد ديونها الخارجية، وهو حدث رمزي يعكس أثر العقوبات الغربية، علماً بأن ديون روسيا حالياً تبلغ نحو 40 مليار دولار وتشكل فقط 20% من إجمالي ناتجها المحلي.

وتنفي روسيا أن يكون «اقتصادها في مأزق»، وتقول إن تكتيكات الحرب الاقتصادية الخاطفة التي ينتهجها الغرب فشلت، وإنها تتعامل بثقة مع الضغوط الخارجية، وإن اقتصادَها يتجه نحو مسار النمو.