ما أسهل أن ترتدي زياً أنيقاً وتتباهى بنجوميّتك أمام عدسات الكاميرات على السجادة الحمراء، وتتحدث عن إنجازاتك، وتلوّح للمعجبين والمعجبات، وما أسهل أن يولد مهرجان هنا وآخر هناك لمجرد توفر ميزانية ضخمة، ومموّلين وعشاق للفن والسهر.. لكن المهرجانات هذه تولد مشوهة، تلمع وتثير ضجة، لكنها لا تنتج طحيناً، ولا تُشبع أهل الفن «الحقيقيين».


انتظرنا ولادة مهرجان القاهرة للدراما، واليد على القلب خوفاً من أن يطاله أي خلل، أو وباء أصاب المهرجانات المشوّهة، رغم ثقتنا برئيسه الفنان الكبير د. يحيى الفخراني، ورئيسة لجنة تحكيمه المخرجة إنعام محمد علي، وكل القائمين عليه، والمحكّمين؛ فإذا بالولادة طبيعية، والمولود سليماً، جميلاً منذ إطلالته الأولى، يحاول إحاطة أهل الدراما بذراعيه، ليقول لهم شكراً.

فاجأنا مهرجان القاهرة للدراما بكل هذه المصداقية في الاختيارات والجوائز التي لم تذهب إلا لمن يستحقها، ما يعكس التوافق في الآراء بين المحكّمين وإدارة المهرجان والنقاد والجمهور.. كل من نال جائزة حملها عن جدارة، ولا نستغرب أن نُفاجأ بهذا القدر من المصداقية في زمن صارت فيه المهرجانات مجرد مناسبات اجتماعية يلتقي فيها أهل الفن ويتباهون بجمالهم وأزيائهم، بينما الجوائز توزع «للأحباب» ولإرضاء فلان وعلّان (وفلانة وعلّانة).

مميز هذا المهرجان بكل ما فيه، وازداد تميزاً بتكريم فنانين «تركوا بصمة لا تنسى في تاريخ الدراما العربية»، لعدد من ممثلي الأدوار الثانية.. وتكريم نجوم خلف الكاميرا، أي مخرجين منفّذين، وكل العاملين في أي من المجالات التي لولا وجودها خلف الكواليس ولولا الإتقان فيها لما اكتمل أي عمل فني ودرامي؛ وانتهاء بتكريم نجوم في الدراما، وعلى رأسهم في هذه الدورة القدير صلاح السعدني، الذي يشتاق إليه الجمهور، ويكنّ له كل الحب والتقدير؛ والمؤلف المبدع محمد جلال عبدالقوي، والمخرج الكبير جمال عبدالحميد، والمنتج والسيناريست الراحل ممدوح الليثي، وتكريم خاص لمسلسلَين مميزين خرجا من دائرة المنافسة «الاختيار» و«العائدون».

المؤلف عبد الرحيم كمال، المخرجة كاملة أبو ذكري، الممثل أحمد أمين، النجمة منة شلبي، الممثل في دور ثان رياض الخولي، الممثل الصاعد نور خالد النبوي والممثلة الصاعدة رحمة أحمد، مسلسل «جزيرة غمام» وفريق عمله من ديكور وتصوير.. كلهم استحقوا الفوز.