لا يختلف اثنان اليوم على أن دبي باتت من أهم مدن الأرض مكانة وتأثيراً، لكن هذه المكانة لم تكن لتتحقق دون أن يقف وراءها فكر قيادي، يحمل رؤية استباقية ومثابرة وعزماً، صنعت منذ بدايات النهضة وعلى مدى عقود تحولات غير مسبوقة على مستوى التاريخ والجغرافيا، لتحول الصحراء إلى درة المدن.

قبل 50 عاماً أظهر باني نهضة دبي، المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، عبقرية فذة، عندما وضع بتصميمه وعزمه حجر الأساس لهذا التطور الهائل، والذي يتمثل بميناء راشد، ليكون هذا الميناء مع احتفائه اليوم بخمسة عقود من الإنجازات، التي وضعته على قمة أهم الموانئ العالمية مركزاً استراتيجياً، يربط دبي بالعالم شرقه وغربه، ويقدم المساهمة الأكبر في قصص النجاح المتلاحقة للمدينة المعجزة، ويجعل منها مركزاً محورياً للتجارة العالمية.

ما تعلمه دبي للعالم أن روحها الملهمة تتجدد، فمع رؤية محمد بن راشد، التي لا ترضى إلا بالريادة، والرقم واحد في كل شيء، انطلق ميناء راشد نحو آفاق جديدة للنجاح، ليصبح إضافة إلى أهميته التجارية الاستراتيجية، الوجهة السياحية الرائدة في المنطقة للرحلات البحرية، التي تقصده من كل أرجاء العالم، وهو ما تؤكده نسبة النمو في هذه الرحلات، والتي وصلت إلى 18% على مدى 14 عاماً.

هذه الروح المتجددة، لا تتوقف عند إنجاز إلا لتبني عليه إنجازاً آخر، حيث مضت رؤية قيادة دبي بالميناء نحو ريادة أكبر، تجعل منه واجهة استثنائية للسياحة البحرية، والمشاريع العقارية واللوجستية والصناعات البحرية، بحجم استثمارات يفوق 25 مليار درهم لإطلاق الميناء بحلته الجديدة، وبقدرات قياسية، تتضمن أكثر من 25 رصيفاً قادرة على التعامل مع السفن ذات الحمولات الكبيرة، ما يجعل الميناء وجهة جاذبة للتجارة العالمية، وتضم 400 مرسى للقوارب واليخوت، و8 أرصفة لاستقبال (5) ملايين زائر سنوياً، ما يرسخه وجهة سياحية بامتياز.

الموقع الاستراتيجي للميناء على طول الممرات التجارية التقليدية، والاهتمام المبكر والمتواصل من قيادة دبي بتطويره والارتقاء بقدراته، جعلت منه قصة نجاح متفردة، تؤثر وتتأثر في كل قصص النجاح، التي تستمر دبي في كتابتها، فهو يواصل بدوره المحوري المساهمة في التحولات النوعية والقفزات الاقتصادية، التي تحققها الإمارة، كما يواصل تعزيز علاقاتها وشراكاتها القوية مع العالم، فهو بتأثيره الوازن في اقتصاد الإمارة وتجارتها وسياحتها وما يقف وراء تأسيسه وتطويره من فكر قيادي فذ يمثل أيقونة عالمية لروح دبي، التي لا تعرف المستحيل.