تخلى الرئيس السيسي عن دبلوماسيته المعهودة، وفي كلمتيه (في افتتاح وختام المؤتمر الاقتصادى).. كان صريحا، مباشرا، نافذا إلى أعماق أزمة الدولة المصرية المزمنة بأرقام موثقة وحقائق دالة.

كشف الرئيس الغطاء عن معضلة الإصلاح في مناحيه (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية)، راسمًا صورة حقيقية لما كنا عليه وما أصبحنا فيه، مستشرفًا ملامح «الجمهورية الجديدة» المأمولة وتحدياتها الصعبة في واقعها المعاش.

السيسي في خطابه الصريح لا يكذب (وعُرف عنه صدق القول) ولا يتجمل، الحقيقة واضحة، ولا يخشى نفاد رصيده الشعبي، يستنزف من رصيده كما قال، المهم البلد.

خلاصة قول الرئيس: بقاء واستقرار الدولة المصرية هدفٌ سامٍ، ورشحته الأقدار لحمل الأمانة، مكلفا بإرادة شعبية نافذة، فحملها وعمل عليها واجتهد في مواجهة ظروف غير مواتية داخليا، أخطرها شبح الحرب الأهلية التي ترفع فيها المصاحف، واستنزفت ٣٠٠٠ شهيد وآلاف الجرحى والمصابين في حرب الإرهاب الضروس، وأنواء عالمية عاصفة، ووباء كورونا، وحرب أوكرانيا، وتضخم عالمي يؤشر على الكساد الكبير الذي يهدد العالم بأسره.

صراحة السيسي صدمت متبضعى الأحلام الوردية، لكنها بردا وسلاما على أصحاب العقول الراجحة، قد لا يعجب الحالمين قوله، ولكن ثقة الطيبين في شخصه وقيادته ومنجزه والرغبة العارمة في استكمال خارطة الطريق تُعينه على اجتياز العقبات وتجاوز العكوسات بإيمان لا ينفذ بعون الله سبحانه وتعالى وإخلاص المخلصين، وفي مقدمة الصفوف جيش مصر العظيم الذي يصنع المعجزات تجسيدًا لشعاره الأثير: (يد تبنى ويد تحمل السلاح).

لافت الأمثلة والنماذج التي وردت بتحفّظ على لسان الرئيس وتعوق المسير، تردد رأس المال، وإحجام القطاع الخاص، وتذبذب أداء المؤسسات (وفي القلب منها المؤسسة الدينية)، ترددا في إعانة رأس الدولة في قضايا حيوية على أداء الأمانة المكلف بها شعبيا.

لم يفتّ في عضده، ولم يتوقف طويلا أمام العكوسات ومضى في طريق المستقبل غير عابئ ولا هياب، مؤمنًا بحق هذا الشعب الطيب في الحياة التي يستحقها.

دعك من المتصيدين، شُغلتهم تصيُّد الحروف من على الشفاة، ودعك من ترهات وعبثيات الإخوان، والقص واللزق، والتزوير.. طبعهم خونة خوان، ألد الخصام.

معلوم حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك الإخواني يتمنى لك الغلط، وعَين السُخطِ تُبدى المَساوِيا، وسواد القلوب طافح على منصات الإخوان.. حتى الخاملون الفاشلون نشطوا مجددا، يرومون قطعة من كعكة التمويلات، الإخوان ينفقون على خراب البلاد إنفاق مَن لا يخشى الفقر.

يراهن الرئيس على الطيبين الذين لم يتخلَّ عنهم ويَعدهم بغدٍ أفضل، وهم يثقون في إخلاصه ويرون بأعينهم حجم التغيير الحادث في وجه الحياة.. صحيح الأزمات المعيشية تورثهم ضيقًا وقتيًا، ولكن لا تلهيهم عن منجز ضخم يدخرونه لمستقبل الأجيال القادمة.

يرفض الرئيس مقولة: «اِحيينى النهارده.. وموّتنى بكرة!!»، يفضلها: «اِحيينى النهارده.. وبكرة وبعد بكرة».. تعاهد مع الشعب على العمل والعرق والدموع، الشغل من سبعة الصبح، والشعب يرسمه (منقذًا)، ولا يزال في أعينهم (بطلًا) رغم أنف الإخوان والتابعين.