تظلُّ بلادنا تفكُّ شفرات المبادرات الناجحة باكراً وتنسجُ خيوطها الخضراء حول ممكنات الحياة الوافرة؛ وتعقدُ الإستراتيجيات تكشيفاً لقدرات الإنسان للتعامل مع بيئته الطبيعية وأجوائها وتشكيلاتها المختلفة حتى تندى وتعشوشب؛ وفي عهدنا الزاهر تحولتْ البيئات الطبيعية وهواؤها وماؤها إلى مبادرات اقتناص حافزة في صور انتقال سلس قابل للتطبيق، فهنيئاً لبلادنا ذلك الشوق لمبادرات حماية كوكب الأرض من التأثيرات المناخية السلبية، فعندما استضافت بلادنا قمة الشرق الأوسط الأخضر في أكتوبر 2021 عزماً على إحداث تأثير يُجمِعُ عليه العالم في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، وحماية كوكب الأرض، وتشكيل المساحات الخضراء الشاسعة، واستهدفتْ القمة تشكيل تحالف بيئي لمؤثرات التغير المناخي بالشرق الأوسط، وكذلك توفير منصات ثابتة للتوعية المستدامة، وانطلاقاً من مكانة بلادنا ودورها المؤثر في دفع المستهدفات العالمية عامة إلى ترقية الاهتمام بحماية البيئة وتأسيساً على الأهمية والحاجة فقد أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبادرتين انبلج نورهما بقوله - حفظه الله- «سنقف أمام العالم بإنجازات نفخر بها»، فكانت المبادرتان الحافزتان «السعودية الخضراء» و»الشرق الأوسط الأخضر»، انعكاساً لتوجه بلادنا نحو المنطلقات العالمية لتعزيز مفهوم الحفاظ على البيئة والحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز حضور الطاقة النظيفة، وفي عموم ذلك زيادة الوعي البيئي المحلي والعالمي أفراد ومجتمعات!

وفي قمة الشرق الأوسط الأخضر في نسختها الثانية التي انعقدت يوم الاثنين الماضي 7 من نوفمبر 2022 في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية حلَّتْ أسرار الاخضرار التي اختزلتها عزيمة سمو ولي العهد محمد بن سلمان في كلمته الوافرة أمام قمة المناخ وما زالت بلادنا وموجزها صمود الأرض وشوقها للاخضرار تحمل الآمال العالقة بين الصحراء والماء تلك الخصوصية الحافزة التي تُصاغ في الصحارى المنداحة، والجبال الشماء؛ ولا غرو ولا عجب فنحن في عهد اختزال التتابع الزمني، وتباشير النضج بما نستطيع أن نطلق عليه الصورة الكلية لمخططنا النهضوي الكبير المنبثق من رؤيتنا الفريدة 2030 ؛ ونعلم يقيناً أن إدراك الصورة الكلية لما يجب أن يكون استعداداً مؤكداً بكل الطاقات والإمكانات المتنوعة من القادم المجزي؛ كل ذلك شكل من أشكال الوجود المكافئ للمدنية والحضارة التي يتوق لها حراكنا الجديد في مشروعاتنا اعملاقة عامة وما يتعلّق منها بالبيئات خاصة التي تعددتْ فيها النطاقات الجغرافية والمناخات حتماً سيكون حزاماً ذهبياً يطوق الشعب والوطن وفي ذات الحين يمتد وهجه للعالم، ويحظى بكثير من مفردات المستقبل وقد أكدَّ سمو ولي العهد -حفظه الله - دعم بلادنا المجزي لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر باستضافة بلادنا لمقر الأمانة العامة للمبادرة وإسهام المملكة العربية السعودية بمبلغ اثنين ونصف مليار دولار دعماً لمشروعات المبادرة وميزانياتها على مدى العشر السنوات القادمة، وفي قمة المناخ الأخيرة أكد قادة الدول على تبني نهج وطني مناسب لتحقيق التحول العادل لنموذج تنموي منخفض الانبعاثات وقادر على التكيّف مع آثار التغيّرات المُناخية فنأمل -بإذن الله - أن نستجمع من خلال ذلك واقعاً بيئياً أكثر أماناً وصحة للحياة؛ خاصة عندما تكون الشفرة العالمية من محفزات الحراك نحو الإصلاح البيئي، ولقد حملتْ البيئات الطبيعية ودها لبلادنا على مدى عهودنا الخضراء وما زالتْ، وعهد خادم الحرمين وسمو ولي عهده يمتلئ ويفيض ليستحث الود بطريقة جاذبة للعالم لتكون السعودية الخضراء صناعة جديدة. تتواشج مع الشرق الأوسط الأخضر.

ونحن اليوم إذْ نبشِّر أرضنا وصحاريها وجبالها ووهادها باستلهام جديد للجمال، ونستشرف -بإذن الله - ما يوقظ النجوم في سمائنا، فإن المبادرات البيئية والقمة المنعقدة من أجلها تعدُّ إسهاماً مجزياً في التنمية الوطنية ودعماً حيوياً لتحقيق البيئات الصحية بمفهومها الأشمل، وتوجهاً إستراتيجياً لمفتتح آخر لجودة الحياة، ومؤشراً على القدرة السعودية على صناعة الحياة النظيفة بيئياً في المستراد المحلي والعالمي.