فوز المنتخب السعودي أمام أبرز المرشحين للتتويج بلقب بطل كأس العالم قطر 2022 أمر في غاية الأهمية، والمفاجأة ليست في النتيجة، بل في عوامل ومتغيرات ألخصها في التالي:

صفارة الحكم أوقفت سلسلة انتصارات تاريخية للأرجنتين، وبلوغ المباراة الـ37 بلا هزيمة على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة، لم يحسب لها جهابذة المحليين، ولم تنبس شفة النقاد العالميين بحرف عن فوز عربي وطارت أحلام المحبطين والمتشائمين مع دراهم المراهنين المليارية.

الفوز أثار حتى من لا يهتم بالرياضة، ويكفي مشاهدة ردود الفعل العالمية والمدهشة من كل أقاصي العالم الذي عانى سكانه في الأعوام القليلة الماضية سلسلة من الجوائح والكوارث والحروب، وكأنهم كانوا ينتظرون مفاجآت كأس العالم لتحقيق الإثارة بين عشاق المستديرة البالغ تعدادهم وفق "فيفا" خمسة مليارات شخص.

يشي الفوز بتغيرات تركيبية في القدرة على التوقع والتأثير، خاصة بعد فوز اليابان على ألمانيا، الآن لم تعد هناك قواعد مطردة لتصنيف الفرق، والواقع يؤكد أن أوروبا لم تسيطر على المشهد الكروي، وما عادت أمريكا الجنوبية هي القابضة على كؤوس العالم.

حرك الفوز شباك ميسي ورفاقه، لكنه حرك "الشبابيك" العالمية، إذ لم تكن قصة إعلامية تروى في أي محفل وأي بقعة تخلو من ذكر الفوز السعودي. تحققت رسائل إعلامية وتسويقية في غاية الأهمية، ولو بذلنا الملايين لا نستطيع تحقيقها بشكل مباشر وسريع، كما حدث، ولعل من أبرز تلك الرسائل "الفوز السعودي على الأرجنتين من أكبر المفاجآت في تاريخ كرة القدم"، عبارة طار بها الأثير وسارت في أرجاء المعمورة.

فوز له طعم مختلف، لأن ثمة قيادة تملك فقه الواقع، فكلنا نتذكر كلمات الطمأنينة، التي حملها حديث ولي العهد، حينما قابل لاعبي المنتخب قبل بداية كأس العالم، فهو يعرف حجم الضغط النفسي، لذا كانت كلماته دافعا قويا للظهور بهذا الشكل المشرف والمتعة التي كان ينشدها، كانت سحابة فرائحية عمت بهطولها أرجاء العالم.

الآن وبعد الأفراح العارمة بالفوز، نأمل استكمال مسيرة الانتصار والتفكير في مرحلة ما بعد ميسي، لأننا لم نربح المعركة كاملة، ولذلك لا بد من الاستعداد لما هو قادم، وكل التوفيق للأخضر.