لا يعترف الأرجنتينيون ببلدهم كدولة لاتينية إلا حين يرقصون التانجو أو يلعبون كرة القدم.. وباستثناء ذلك يرون أنهم يعيشون فى دولة أوروبية تقع داخل أمريكا اللاتينية.. ولا يؤكد الأرجنتينيون ذلك من باب التعالى على اللاتينيين أو تملق الأوروبيين، ولكن لأن معظمهم من أصول أوروبية ولم يختلطوا بسكان أصليين مثلما جرى فى باقى بلدان القارة.. ولهذا يشكل التانجو وكرة القدم معًا الهوية الأرجنتينية وعلاقاتها اللاتينية.. فالتانجو ليست رقصة غرام وهوى، إنما رقصة المغترب الذى يحتاج للأمان والبحارة الذين أتعبهم الترحال ويريدون ميناء دافئا يغمضون فيه أعينهم دون خوف.. أما كرة القدم فهى الكبرياء الأرجنتينى.. ويظل الأرجنتينى يضحك معك ويتسامح فى أى شىء إلا حين تحاول الإشارة إلى أن بيليه أعظم من ماردونا.. وقتها سيصادفك وجه آخر ثائر وغاضب.. ولم تبدأ الحساسية الكروية الهائلة بين الأرجنتين والبرازيل بسبب تلك المقارنة الدائمة بين مارادونا وبيليه.
أو حتى بعدما بدأت بطولة كأس العالم وفازت بها البرازيل خمس مرات مقابل مرتين فقط للأرجنتين.. إنما بدأت منذ بدأت كرة القدم فى البلدين.. ومنذ أول مباراة تجمع بين البلدين فى 1914 وفازت فيها الأرجنتين بثلاثة أهداف دون أى هدف برازيلى.. ومن العبث محاولة إقناع الأرجنتينيين بأن البرازيل أقوى منهم كرويًا.. فأكبر نتيجة بين البلدين كانت فوز الأرجنتين فى 1940 بستة أهداف مقابل هدف برازيلى واحد.. ولا يقل عشق الأرجنتينيين لكرة القدم عن الولع البرازيلى بها.. وفى أحدث دراسة إحصائية تبين أن تسعين بالمائة من الأرجنتينيين يهتمون بكرة القدم وليسوا على استعداد للتشكيك فى مارادونا كأعظم لاعب كرة فى التاريخ.. وهى مكانة لم يصلها قديمًا النجم الأرجنتينى الكبير دى ستيفانو، لأنه بعد بداية التألق لعب لكولومبيا، ثم إسبانيا، ولم يصلها حديثًا ليونيل ميسى الذى لم يفز بعد للأرجنتين بكأس العالم مثل مارادونا 1986.. وهو ما لا يزال الأرجنتينيون يحلمون به فى المونديال الحالى بعد الفوز على أستراليا، أمس الأول، والتأهل لدور الثمانية.. وسواء تحقق الحلم الأرجنتينى أو لم يتحقق.. فستبقى كرة القدم اختصارًا للأرجنتين مثلما كانت منذ 140 عامًا، وبالتحديد حين بدأ الأستاذ الإنجليزى تعليمها لتلاميذ المدارس فى بوينس آيريس.. وفى هذا المشوار الكروى الطويل.. فازت الأرجنتين مرتين بكأس العالم، و15 مرة بكوبا أمريكا، مقابل 9 للبرازيل، وميداليتين ذهبيتين أوليمبيتين ومرة وحيدة بكأس القارات وست مرات بكأس العالم تحت 20 سنة.
التعليقات