دبت في الرياض حالة من النشاط المتصاعد ونحن نعيش أيام "موسم الرياض". ارتسم موسم هذا العام بمزيد من العناية بالثقافة والتراث الوطني ومكونات الرياض التاريخية التي تحكي لصغار السن كما كبيرا من القصص عن هذه المدينة، وتاريخها ودورها في صناعة المعجزة التي نراها في هذا الوطن.

تتزايد نسبة التطور، وتتعاظم القيمة المضافة لما نراه في مناطق المملكة كافة، وهي تتنافس لتحقيق مزيد من الجذب السياحي، والدعم المستمر للخدمات المقدمة للقاطنين والزائرين. نشاهد اليوم مواسم مماثلة في كل مناطق المملكة، تنتج عنها عناية في قراءة التاريخ ومحاولة لنشر معالمه ودروسه بين من يعيشون في المنطقة. هذا الأمر له من الأهمية الكثير، فهو يبحث في كم هائل من الموروث، صنع وطرز عبر مئات السنين، هذه الأرض هي مهبط الوحي، ومهوى أفئدة المسلمين على مر التاريخ، وفيها ومنها وبها انتشرت معالم الثقافة الإسلامية في كل مكان.

المساحة الجغرافية والتنوع الفكري والتعدد الواضح لألوان الموروث المجتمعي الذي نشأ هنا أو قدم إلى هذه الأرض ضمن حالة الاحتكاك الحتمي مع ثقافات عالمية - بسبب الدور التاريخي لأهل هذه البلاد في الفتوحات الإسلامية، كل هذه المكونات وغيرها صنعت هذا التنوع التراثي والثقافي، وهي اليوم تكتشف ويعاد نشرها في كل المواسم، ومن أهمها موسم الرياض.

تستمر أهمية قلب الوطن في تحفيز النجاحات المتعاظمة في المناطق الأخرى، ولعل من المفيد محاولة الربط بين الفعاليات التي تقام في مختلف مناطق المملكة، وفي مواعيد مختلفة تتفق مع تكوين وجاذبية كل المناطق. هنا أتوقع أن يكون التنسيق على أعلى المستويات في نشر ثقافة السياحة، وإيجاد وسائل لدعم جاذبية كل المواسم لاستقطاب المزيد من الاهتمام والرغبة في المشاركة من قبل المواطنين الذين سيحولون بوصلة إجازاتهم وسفرهم نحو الداخل كجاذب ينافس كل المغريات الخارجية التي تستقطب السائح المواطن. يحق لنا أن نتوقع ذلك، ونحن نعرف ما يمكن أن يصنع في الوطن، وما يمكن أن تبدعه أيادي أبنائه وفكرهم من جواذب سياحية وفكرية واجتماعية وثقافية.

قد يكون من المناسب إيجاد جائزة لأفضل موسم، تشرف عليها جهة محايدة لتغذية التنافسية والإبداع والتجديد الذي له الدور الأهم في التحفيز الاقتصادي، الذي يمكن أن ينتج عنه منافسة الوجهات العالمية، وجذب المزيد من السياح من الخارج، وتحسين مكونات المدن والمحافظات النفسية والاجتماعية والبيئية.