عندما فازت فرنسا، في العام 2018، بكأس العالم في المونديال قبل الأخير الذي أقيم في موسكو، علق مقدّم البرامج الساخرة على قنوات أمريكية تريفور نواه (Trevor Noah)، بالقول: «لقد فاز الأفارقة»، في إشارة إلى غلبة اللاعبين المتحدرين من أصول أفريقية في المنتخب الفرنسي الفائز.

أثار ذلك التعليق حفيظة فرنسيين كثر، من بينهم السفير الفرنسي في واشنطن، يومها، الذي بعث برسالة إلى نواه، الأفريقي بدوره، تولى الأخير قراءتها في حلقة تالية من برنامجه، وفيها أبدى السفير امتعاضه من هذا الوصف، قائلاُ إن فرنسا متعددة الأعراق والأجناس والألوان هي التي ربحت الكأس، وإن هؤلاء اللاعبين، بصرف النظر عن أصولهم، هم فرنسيون.

لكن تريفور نواه جادل السفير بالقول: إن آباء أو أجداد هؤلاء أصبحوا فرنسيين لأن فرنسا كانت تستعمر بلدانهم، لكن ليس الأمر في هذا، وإنما في حقيقة أن فرنسا، وربما سواها من البلدان الأوروبية، حين يتعلق الأمر بالنجاحات التي يحققها مهاجرون إليها تنسب الفوز إلى نفسها، وفي حال ارتكب بعض هؤلاء جرماً أو جنحة أو أصبحوا عاطلين عن العمل يتلقون التقريع والتذكير بأصولهم غير البيضاء، بل وبالقول لهم: عودوا من حيث أتيتم. يتساءل تريفور نواه: ما الذي يمنع أن يكون اللاعبون الذين حققوا الفوز فرنسيين وأفارقة في الآن نفسه؟ لماذا يتم مسخ هويتهم الأفريقية وقت الحاجة، وتهزئتهم بسببها غالباً، ويستشهد بمهاجر أفريقي أنقذ طفلاً فرنساٍ على وشك السقوط من مبنى مرتفع، بأن تسلق طوابق المبنى مخاطراً بحياته، وعاد ثانية إلى الأرض بصحبة الطفل، فمنح الجنسية الفرنسية مكافأة له على نبله، ويتساءل: هل كفّ هذا المهاجر عن أن يكون أفريقياً، كما كان قبل إنقاذه للطفل، لمجرد منحه الجنسية؟

نستعيد هذا اليوم على خلفية الحملة العنصرية التي تشن ضد لاعب المنتخب الفرنسي كينغسلي كومان الذي أضاع ركلة ترجيحية في نهائي كأس العالم في الدوحة، وتحميله مسؤولية خسارة فرنسا للبطولة، لا لشيء سوى أنه غير أبيض، رغم أنه، وبعد دخوله بديلا في الشوط الثاني من المباراة، قدّم مستوى ممتازاً وساعد منتخب بلاده على إنهاء الوقت الأصلي والإضافي للمباراة بالتعادل، قبل أن يخفق في تسديد ركلة الترجيح الثانية لمنتخبه.

ولكن ولأن الحق يجب أن يقال فإن هناك حملة مضادة للعنصرية وداعمة لكومان بعنوان «ارفع رأسك يا ملك»!».