مازال العالم تحت هول الصدمة الناجمة عن الزلزال المروع والمدمر الذي أصاب كلاً من سوريا وتركيا وأوقع آلاف الضحايا في البلدين، بين قتلى ومصابين ومفقودين تحت الأنقاض. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الضحايا في هذه الكارثة قد يرتفع إلى ثمانية أضعاف، وما زال الكثير من سكان المناطق المنكوبة يعيشون في حال من الذعر إلى حدٍ يدفعهم إلى رفض العودة إلى منازلهم، حيث الخشية من أن تتسبب ارتدادات لهذا الزلزال في سقوط المزيد من الضحايا.

سوريا ناشدت الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية لمد يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر، فيما بدأت دول مختلفة في العالم بإرسال مساعدات إغاثية للبلدين المنكوبين.
على الصعيد العربي، كانت الإمارات في مقدمة الدول العربية التي سارعت لتقديم أوجه الدعم الإنساني للشقيقة سوريا، وكذلك لتركيا، حيث وجهت بإنشاء مستشفى ميداني، وإرسال فريقي بحث وإنقاذ، وبدء عملية واسعة للإنقاذ، وبمساعدات إنسانية عاجلة للشعب السوري الشقيق بقيمة 50 مليون درهم. كما أعلن العراق عن إقامة جسر جوي إلى كل من سوريا وتركيا، لإرسال المساعدات الإغاثية العاجلة بما فيها الدواء والوقود، ومن جانبها أعلنت الجزائر عن انطلاق فرق للبحث والإنقاذ إلى سوريا للمشاركة في عمليات الإنقاذ والإسعاف.
والمرجح أن دولاً عربية أخرى ستحذو الحذو نفسه في مساعدة أشقائنا في سوريا، لكن يبقى أن حجم الكارثة ما زال يتطلب المزيد من الجهود من كافة الدول العربية لمدّ يد العون العاجل لبلد شقيق يعاني منذ سنوات حرباً مدمرة مزقته، ونالت من الوحدة الوطنية لشعبه، وأنهكت الكثير من أوجه البنية التحتية الضرورية واللازمة للتعامل مع كارثة مروعة كهذه، وهي مناسبة لنظهر جميعاً وقوفنا مع سوريا في محنتها، وتسريع الجهود لإعادتها إلى بيتها العربي الذي أقصيت عنه.
وهو أمر لخصته افتتاحية «الخليج» في عددها ليوم أمس، حين قالت: «لا يزال لدينا خيار التعايش والتآزر، ونبذ العنف والحرب لإنقاذ العالم، أما الخيار الآخر الذي نراه بأم أعيننا في أكثر من ساحة، فلن يأتي لنا إلا بالدمار والفناء».