حذر وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان من فرض سقف سعري على واردات الولايات المتحدة الأمريكية من النفط السعودي في إطار مشروع قانون "نوبك"، الذي سيدفع المملكة الى وقف صادراتها النفطية "نو نفط" لأي دولة تطبق هذا السقف السعري.

إنها رسالة واضحة ومباشرة لمن تسول له نفسه بتأثير على اساسيات أسواق النفط العالمية وتسييرها حسب نظرته القصيرة، مما سيحدث خلل في أسواق النفط ويفقدها توازنها الذي طال ما حافظت عليه أوبك+ في أصعب الأوقات وأنقذت الاقتصاد العالمي من أزمة طاقة يتردد صداها في جميع أنحاء العالم. إن التعامل مع سلعة استراتيجية ناضبة على إنها سلعة دائمة هو خطأ لا يغفر له وتهديد لأمن الطاقة، وتدخل صارخ في آليات أسواق النفط والذي سيؤدي إلى شح في المعروض وضعف في الاستثمارات على المدى الطويل إن لم يكن على المدى المتوسط، فليس هناك بديل لطاقة النفط لا في المنظور القريب ولا البعيد، فما زال النفط يمثل 33% من مزيج الطاقة العالمية وسيستمر نمو الطلب على النفط لعقود طويلة.

إن تهديدات الكونجرس الأمريكي بتمرير قانون "نوبك" منذ تقديمه في عام 2000، برفع الحصانة عن أعضاء الأوبك من أجل محاربة الاحتكار حسب تبريراتهم، لكن هذه المرة يهدف إلى فرض سقف سعري على وارداتها النفطية من أوبك، مما يعتبر تناقضا غير مبرر كما هو الحال مع روسيا التي تخوض حربا مع أوكرانيا. إنها محاولة بائسة لكسب أصوات الجمهور في الانتخابات القادمة وثقة المستهلكين، وأيضا لإعادة 203.9 ملايين برميل تم سحبها من الاحتياطي الاستراتيجي عند سعر من خفض، وهو ما صرح به رئيس البيت الأبيض بأنه سيتم ملء المخزونات عندما تنخفض أسعار النفط إلى 70 دولارا، حيث لم يتبق في المخزونات حاليا عدا 371.6 مليون برميل. علما أن الواردات الأمريكية من نفط الأوبك لا تتجاوز 1.253 برميل يوميا أو 15% من إجمالي وارداتها النفطية في 2022، بينما تمثل وارداتها من دول الخليج 12%، وتستورد من السعودية 553 ألف برميل يوميا والذي انخفض من 955 ألف برميل يوميا في 2017، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

فالمملكة مازالت أكبر مصدر للنفط وتمتلك أكبر ثاني احتياطي في العالم، حيث وصلت صادراتها إلى 7.6 ملايين برميل يوميا وإنتاجها إلى 10.45 ملايين برميل يوميا في يناير 2023، وبهذا لها وزنها الثقيل في المحافظة على توازن أسواق النفط واستقرارها. فلو تخلت السعودية يوما ما عن سياسة توازن أسواق النفط وأنتجت عند أقصى طاقة لها، كما كان في 20 فبراير 2020، لخرج العديد من المنتجين من السوق بانهيار الأسعار على المدى القصير، أما على المدى الطويل ستشهد الأسعار ارتفاعا حادا مع نقص المعروض والعكس صحيح. لكنها دائما تسعى إلى توازن الاسواق في إطار مجموعة أوبك + بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين ويضمن استمرار إمدادات الطاقة.

إن فرض سقف سعري على النفط السعودي ستكون له عواقبه خطيرة وردة فعل قاسية وقد يمتد إلى أبعد من ذلك. رغم أن القليل من صادرات النفط السعودية تتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بينما معظمها يتجه إلى دول آسيا، مثل الصين، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان. أنه لخطأ كبير أن تتبنى الولايات المتحدة قرارا مثل ذلك يحدث فوضى لأسواق الطاقة.