كيف ترى هذا التطور الغريب في الذكاء الاصطناعي؟ لا أحد يستطيع أن يُنكر أنه إنجاز علمي تقاني لا سابقة له في التاريخ، لكن، قد يكون للفلسفة والأخلاق آراء مختلفة في الموضوع. وجهات النظر تقع على طرفي نقيض، فهي تذهب من أقصى الإيجابية إلى أقصى السلبية، مع أنه في الأقصى: «إذا بلغ الشيء الحدّ، انقلب إلى الضدّ».
المشهد تتماهى فيه وتلتبس ممارسات غرائبية شتّى. فيه لمسات تعيد الذاكرة إلى شعوذات السحر، وجلسات استحضار الأرواح. فيه منهجيّة علمية نجمت عن عقود طويلة من الإنجازات التقانية القائمة على التقدم في بحوث الفيزياء النظرية والتطبيقية، التي فتحت آفاق المعلوماتية والذكاء الاصطناعي تالياً. فيه ما يجوز فيه الوجهان، فهو تزييف عميق (ديب فِيْك) من جهة، لأن المُنجز النهائيّ ليس واقعيّاً في الحقيقة، لكنه إذا خلا من سوء النيّة وقصد الإضرار بالغير، فإن العمل في النهاية يمكن أن يُدخل سعادةً غامرةً على قلوب المعنيّين بالأمر.
الموقع الفرنسي «تكنو سيانْس» (علم التقانة) نشر موضوعاً (28 إبريل) عنوانه كان حتى سنوات قريبة يلوح ضرباً من الخيال العلمي أو الخرافات والشعوذات: «الحديث إلى الموتى على الشبكة يتحقق غداً»، هذا الغد قريب جدّاً، لأنه سيأتي قبل نهاية هذا العام، إلاّ أن الراغب في هذا الإنجاز، إن جاز، لن يراه بسهولة على حاسوبه الشخصي. يجب تطبيق المثل: «ولا بدّ دون الشهد من إبر النحلِ»، فإن خفتَ اللسعات، فعليك بالمثل: «من طلب المعالي سهر الليالي»، أمّا المثل الآخر فيحتاج إلى مبلغ وقدره: «ومن طلب الحسناء لم يغلها المهرُ». صاحب هذه الأعجوبة هو خبير المعلوماتية الهندي «براتيك ديساي» في وادي السيليكون بالولايات المتحدة.
قد تغرورق عيناك بالعبرات، فقد دخلنا مسرح العواطف الجيّاشة، سيغرق المُقْدم على هذا العمل في أمواج متلاطمة من الأحاسيس، بعضها يتطلّب قلباً فولاذيّاً جرّاء الشعور بالذنب من دون ذنب. يجب تسجيل سبع ساعات أو أكثر من الفيديو صوتاً وصورة لشخص عزيز كالأب أو الأم، في شؤون مختلفة فيها ألوان من الانفعالات وردود الفعل والتعبير، إلى جانب عدد كبير من الصور والتسجيلات الصوتية وحتى المخطوطات اليدوية، ونصب كل ذلك في برمجية رقمية معينة. الذكاء الاصطناعي سيستوعب كل التفاصيل ويجعل ذلك العزيز، بعد ارتحاله، كأنه حيّ حاضر ناظر بآرائه ومواقفه في كل ما يستجدّ من الأحداث والوقائع والمناسبات. على قدر تغذية البرمجية يكون مستوى الإنجاز.
لزوم ما يلزم: النتيجة المستحيلية: محال عدم الشعور بصراع داخلي، فصعب أن تفعل ذلك إزاء أعزائك، لكنك ستضيف أعماراً إلى أعمارهم.












التعليقات