ما بين عامي 1921 و1922 تزايدت أعداد دور السينما في العراق، وتضاعف عدد الأفلام الأجنبية الصامتة المعروضة، ثم الأفلام الأجنبية الناطقة، وبعد العام 1927 بدأ العراقيون لأول مرة بمشاهدة الأفلام المصرية في دور العرض.

ويعد فيلم «ابن الشرق» المنتج عام 1945 هو أول فيلم سينمائي عراقي، وقد استعان فيه العراقيون بمصر كونها الأسبق عربياً في إنتاج الأفلام، حيث نجد أن مخرجه هو المخرج والممثل والسيناريست إبراهيم حلمي، بينما البطولة للمطرب والمنلوجيست العراقي عزيز علي (1910 ــ 1995)، والممثل العراقي عادل عبدالوهاب، بمشاركة مجموعة من فناني مصر المعروفين في تلك الحقبة مثل مديحة يسري، وبشارة واكيم، وسعد خليل، ومحمد كامل، وزكي إبراهيم، وعبدالحميد بدوي، إضافة إلى المطربة اللبنانية السورية نورهان.

وتتلخص قصة الفيلم في وصول شاب عراقي إلى مصر لدراسة الطب، فيقع في حب فتاة مصرية ويخطبها، لكن إحدى بنات الأثرياء المستهترات تسرقه من خطيبته، وتوقعه في حبائلها إلى أن يستفيق ويندم، ويعود إلى خطيبته، التي تسافر معه إلى بغداد، بعد أن يحقق نجاحاً وشهرة جراء اكتشافه دواء جديداً لمرض خطير، كان له فضل في شفاء أحد باشاوات مصر.

وشهدت سنة 1947 أول تعاون عربي في مجال السينما، وذلك حينما قامت «شركة أفلام العراق» العراقية، و«شركة اتحاد الفنانين» المصرية بإنتاج فيلم مصري- عراقي مشترك بعنوان «القاهرةــ بغداد». أخرج الفيلم المخرج المصري الكبير أحمد بدرخان، وتم تصوير مناظره في البلدين، وشارك فيه من العراق عفيفة إسكندر، وحقي الشبلي، ومن مصر مديحة يسري، وبشارة واكيم، وعبدالعزيز خليل، وعبدالمجيد شكري، وثريا فخري، وأحمد درويش، ورياض القصبجي.

وتمحورت قصة هذا الفيلم النادر حول شاب عراقي يتهم بقتل عمه، فيفر هارباً إلى مصر عند صديقه المصري، الذي يأويه، ويسمح له باستخدام اسمه في الكتابة الصحفية كي يقتات من مجهوده الشخصي، ثم يزوجه ابنته، بعد أن يكتشف وجود استلطاف بينهما، فيعيشان سعيدين في مصر إلى أن يصله خبر من بغداد حول تبرئته بعد القبض على قاتل عمه الحقيقي، فيعود إلى وطنه مصطحباً زوجته المصرية.

أما الفيلم المصري العراقي الثاني فهو فيلم «ليلى في العراق»، الذي أنتج وعرض سنة 1949، واقتصر دور المصريين فيه على الإخراج، الذي تولاه المخرج المصري المعروف أحمد كامل مرسي، بينما شارك المطرب اللبناني محمد سلمان في السيناريو والتمثيل والغناء، وقام بالتمثيل الممثل العراقي جعفر السعدي، والملاكم العراقي إبراهيم جلال، والمطربة العراقية عفيفة إسكندر، والمطربة نورهان، وتدور أحداث الفيلم أولاً في لبنان ثم في العراق حول مطرب لبناني يشتهر، فتطارده المعجبات، لكن دون أن يستسلم لأي واحدة، ويظل يبحث عن فتاة أحلامه إلى أن يعثر على فتاة عراقية تبادله الحب، فيسافران للعيش في العراق، لكنهما لا يسلمان من دسائس المعجبات.

والجدير بالذكر أن الصدفة وحدها وضعت مرسي في طريق إخراج هذا العمل، الذي فشل تجارياً.

وملخص الحكاية أن مرسي ترك مصر وسافر إلى العراق عام 1949 مستاء من حملة صحفية ضده، بسبب اختيار وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وقتذاك لعملين من أعماله («البيت الكبير»، و«ست البيت») للعرض في مهرجان كان الدولي، لكنه سرعان ما عاد بعد أن أخرج هناك فيلم «ليلى في العراق» (لم يعرض في مصر بسبب صعوبة فهم اللهجة العراقية)، وبعد أن اكتشف أن الأحوال السينمائية في العراق ليست بأفضل مما في مصر، ويقال: إن هذه الأسباب مجتمعة جعلته يبتعد عن الأفلام الروائية الطويلة، ويركز نشاطه على دبلجة الأفلام وإخراج الأفلام التسجلية والقصيرة.