تابعت باهتمام تفاصيل أول زيارة رسمية يقوم بها وزير السياحة السعودي السيد أحمد الخطيب للبحرين الأسبوع الماضي، وقرأت بتمعن بنود اتفاقية التعاون السياحي الطموحة التي جرى التوقيع عليها خلال الزيارة، والتي تتوج جهود كبيرة بذلتها الأخت العزيزة فاطمة الصيرفي وزيرة السياحة طيلة الفترة الماضية انطلاقا من رؤيتها الواضحة بشأن أهمية التكامل بين القطاع السياحي البحريني والسعودي.

الزيارة كانت أيضا فرصة لإطلاع الوزير الخطيب عن كثب على جهود تنمية القطاع السياحي في البحرين، والجهود الوطنية المبذولة لتعزيز المنتج السياحي البحريني، وجعل البحرين وجهة سياحية إقليمية مميزة، والتأكيد على أننا نحتاج المزيد من الزوار والسياح في البحرين، وكذلك السعودية.

ولا شك أن البحرين والسعودية قطعتا شوطا كبيرا للأمام من خلال توقيع اتفاقية التعاون السياحي بينهما، حيث تعزز هذه الاتفاقية التكامل السياحي بين المملكتين الشقيقتين، وتسهم في توحيد الاستراتيجيات السياحية، والنظر للملكتين كوجهة سياحة واحدة تمتلك التنوع والخدمات والمنتجات السياحية التي تلبي احتياجات مختلف السياح من حول العالم.

ولقد قدمت لنا وزارة السياحة في البحرين ونظيرتها في السعودية من خلال هذه الاتفاقية الطموحة خريطة طريق واضحة المعالم، علينا كقطاع سياحي خاص السير فيه وتحقيق الأهداف المرجوة منه، وأن نرحب بمزيد من السياح السعوديين الذين يعرفون مملكة البحرين جيدا ويضعونها في مقدمة وجهاتهم عندما يفكرون بالسفر خارجا، ويلقون فيها كل حفاوة وترحيب.

ونحن في الواقع نأمل أن تمهد هذه الاتفاقية الطريق أمام مزيد من التعاون والاندماج الكامل بين القطاعين السياحيين في البحرين والسعودية، بما في ذلك إصدار فيزا سياحية واحدة تمكن السائح الدولي من زيارة البلدين في وقت واحد، وأن تسهم الجهات التي يتقاطع عملها مع عمل القطاع السياحي في هذا الأمر.

وأؤكد مرة أخرى أن القطاع السياحي الخاص في البحرين تلقى خبر توقع اتفاقية التعاون السياحي بين البحرين والسعودية بتفاؤل كبير، نظرا لأهمية المملكة العربية السعودية كواحدة من أكثر الأسواق تصديرا للسياح من جهة، والتقارب البحريني السعودي في مختلف المجالات بما في ذلك المجال السياحي من جهة أخرى.

ولا بد هنا من الإشارة إلى دور منشآت القطاع السياحي الخاص في المبادرة إلى التعرف على بنود هذه الاتفاقية، وكيف يمكن أن تكون جزءا منها، وتسهم في تحقيقها، بما في ذلك تنظيم فعاليات مشتركة، وتبادل المعارف والخبرات في المجال السياحي، والتوجه نحو السياحة المستدامة، حيث تخلق هذه الاتفاقية فرص متنوعة لمجتمعي الأعمال في كل من البحرين والسعودية، خاصة من خلال التركيز على مبادئ الاستدامة والتطور التكنولوجي الذي تشهده صناعة السياحة اليوم.

مثل هذه الاتفاقيات تعتبر ترجمة واقعية واستثمار حقيقي لعلاقات الأخوة بين القيادتين والشعبين الشقيقين في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، والتي تمثل أحد أنجح أوجه العمل المشترك على الصعيدين الخليجي والعربي وربما العالمي، وتشهد تطورا مستمرا، ولا شك أن نجاح التكامل بين بين البحرين والسعودية في المجال السياحي يمهد الطريق أيضا لتكامل في قطاعات أخرى، مثل الصناعة والنقل والخدمات وغيرها.

ولا بد من التأكيد أن ثمار هذه الاتفاقية ليست ثنائية تستفيد منها البحرين والسعودية فقط، وإنما عالمية، فالبلدين ومن خلال عضويتهما في المجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية، يعملان معا على تطوير صناعة السياحية في الإقليم والعالمي، وتبني القضايا السياحية المهمة مثل السياحة المستدامة.

وأرى أن الأجواء مناسبة للتأكيد على مرئيات وأفكار أو ربما نصائح نابعة من رؤيتي لتطوير قطاع السياحة في مملكتنا العزيزة، في مقدمتها أن نضع رؤية موحدة وخريطة طريق نقرها جميعا ونكون نحن والحكومة متفقين عليها، وتكوين لجنة مشتركة تحت مسمى «السياحة والمستقبل»، تجتمع هذه اللجنة كل ثلاثة أو ستة أشهر لتقييم أوضاع قطاع السياحة في البحرين، وتجاوز التحديات والبناء على النجاحات، وإشراك جميع الجهات المعنية بقطاع السياحة في رسم مستقبل القطاع مثل هيئة البحرين للسياحة وهيئة البحرين للثقافة وحتى وزارة الصحة (السياحة العلاجية) ووزارة التربية والتعليم (السياحة التعليمية)، كما أنه يجب أن يكون هناك قواعد واضحة نؤسس عليها عملنا، ويعرف كل منا مهامه ودوره في إطار عمل الفريق ككل.

ومن الأفكار والمرئيات أيضا هو اعتقادي أنه يجب علينا كمستثمرين في قطاع السياحة أن نتفاعل مع بعضنا البعض بشكل حضاري، لا أن نكرر ما نراه نجاحا، وأن نقدم أفكارا جديدة تميزنا عن باقي الموجودين في السوق، وحتى المنطقة ككل، وعلينا أن نعطي شواطئنا اهتماما أكبر، وأمامنا بلدان يجب أن نأخذها كمثال مثل المالديف وسيشل وهايتي والكثير من جزر الباسفيك، حيث تعتمد اقتصاديات هذه الدول في معظمها على السياحة، ويجب أن نعمل على توطين التقنيات الحديثة مثل الذكاء الصناعي والحوسبة السحابية وانترنت الأشياء في قطاع السياحة.

إضافة إلى ذلك يجب أن يحكم التعامل بين المنشآت السياحية والجهات الحكومية بعلاقة الشراكة والتعاون المثمر المتبادل، وليس الجنوح إلى ارتكاب التجاوزات، والخوف من العقاب، كما يجب توجيه المزيد من الدعم الحكومي لمنشآت القطاع السياحي من خلال صندوق العمل «تمكين» أو غيره من أوجه الدعم، حتى تتمكن تلك المنشآت من البقاء في السوق، ويجب إيجاد آلية دائمة لاستقطاب الموهوبين والفنانين من جميع أنحاء العالم، وتشجيعهم على البقاء في البحرين من خلال منحهم تسهيلات وامتيازات إقامة وغيرها.

إن الأرقام والإنجازات التي يسجلها القطاع السياحي تؤكد مرة أخرى أهمية أن يبادر الجميع - الجهات الحكومية والقطاع الخاص وحتى المجتمع المدني - إلى دعم الجهود النوعية لوزارة السياحة والتكامل معها، خاصة أن استراتيجية السياحة 2022-2026 هي استراتيجية وطنية تشمل البحرين عامة، ومسؤولية تحقيق الأهداف الطموحة لهذه الاستراتيجية هي مسؤولية الجميع، لأن البلد بأكمله - مؤسسات وأفرادًا - يستفيد أكثر كلما حققت الاستراتيجية أهدافا أكثر.

لدينا الآن واحد من أكبر مراكز المعارض والمؤتمرات على مستوى المنطقة، ولا شك أن تشغيل هذا المركز بطاقته القصوى يتطلب أيضا الترويج له من خلال السفارات والقنصليات البحرينية في الخارج، وتعريف المستثمرين به من خلال مجلس التنمية الاقتصادية، وتقديم المزيد من التسهيلات للعارضين الأجانب من أفراد وشركات على صعيد إصدار الفيز ونقل المعروضات، وغير ذلك، وهذا مثال واحد من بين العديد من الأمثلة على ضرورة تكاتف الجميع من أجل الدفع قدما بجهود تنمية القطاع السياحي والازدهار الوطني.