لا يتوقع، ولا يؤمن الغالبية من الـ«عُقلاء» السياسيين والعارفين ببواطن الأمور - أو جُزء كبير منها - أن تنتهي الحرب الأهلية السودانية بتلك السيناريوهات التي تُرسم اليوم.

تُحاول المملكة العربية السعودية بكُل ما أُوتيت من قوة، وإمكانيات ومكانة وعلاقات؛ أن توجد «أماكن» على طاولة المُفاوضات، وأن تجد مكاناً للمُتحاربين أن يجلسوا ويتناقشوا ويتبادلوا الحديث حول «الاختلافات»، لا «الخلافات»، وأن يجدوا مخرجاً «للتنازلات» من أجل الوطن.. من أجل السودان.. ولكن هُناك أيادي خفية لا تُريد لهذا الوطن أن «يستقر»، ولا للأُمة أن يغفو لها جفن، وتكون بأحسن حال، ولا أن تلتفت الشعوب العربية إلى مُستقبلها، وبناء حاضرها والتعايش مع الآخرين، ونبذ العُنف والإرهاب والاقتتال والحروب وسفك الدماء، وتوجيه المصادر والثروات إلى أبناء الشعب العربي، ومدارسهم وتعليمهم ومستشفياتهم وحاضرهم ومستقبل ناشئيهم؛ وبناتهم وأمهاتهم وبيوتهم التي خربتها الحروب، وإيقاف نزيف الهجرة العربية، والنزوح إلى الديار الغربية وإلى الملاجئ.. لا يُريد هؤلاء للأُمة العربية أن تنهض، وأن يكون لها مشروع تنويري نهضوي نابع من الشباب وقوة الشباب وفكر الشباب، ومن الموارد التي تمتلكها «الأُمة العربية» من خيرات ومن موارد بشرية و«عقول عربية»، ومن نفط ومزارع وأماكن استراتيجية وبحار ومُحيطات وثروات سمكية وزراعية، وغيرها من الثروات التي وهبها الله إياه، بأن تكون من أغنى المناطق، وأن ينعم أهلها وساكنوها بالعيش الكريم، وأن يجد «الآخرون» مكاناً لهم في الاستثمار هُنا، والمُشاركة معنا في الخيرات.

نحنُ لا نمنع (الآخر) من المجيء إلى أوطاننا العربية والاستثمار فيها، بل إن الآباء والأجداد فتحوا لهم ذلك من قبل، ومن طبيعة كرمنا وأخلاقنا وقيمنا أن لا نبخل، بل نتشارك، وأن هذه من نعم الله علينا.

لا يريد هؤلاء «الغوغائيون»، «الحاقدون»، «الحاسدون» لهذه الأمة أن تنهض، ولا أن يكون لها مكانة وعزة، وأن تجد مكانتها الطبيعية بين شعوب الأرض، وبين الدول المتقدمة، علماً بأن الخير يعم ولا يخص، ولو توقف هؤلاء عن دعمهم لتلك الحروب؛ لزادتهم الأرض والسماء خيرات تفوق ما يحصلون عليه الآن.. بزعمهم أنهم يمتلكون «الذهب»، و«الفضة»، ويسيطرون على مخازن الثروات في هذه البلاد أو تلك..!!

فهل يستمع العُقلاء لصوت «جدة» و«الرياض»، ومن يجتمع معهم هناك، ليكون العقل والمنطق سيد الموقف؟!.. نتمنى ذلك.