يجمع المراقبون على أنّ حصول المرشّح الرئاسي جهاد أزعور، المدعوم من "تقاطع" القوى والشخصيات المعارضة لمرشّح "الثنائي الشيعي" سليمان فرنجية، على الأغلبية المطلقة من أصوات المجلس النيابي، في الدورة الأولى من جلسة الإنتخابات الرئاسية المقررة غدًا الأربعاء، من شأنه أن يُعقّد خطة تطيير النصاب المرصودة للدورة الثانية من الجلسة، ممّا يفتح الأفق أمام ملء الشغور الرئاسي في لبنان ويطلق مسارًا إنقاذيًّا للبلاد.
وينطلق هؤلاء المراقبون في اعتقادهم هذا من أنّ تعطيل الدورة الثانية من جلسة الإنتخابات الرئاسيّة، بعد أن يكون أزعور قد نال الأغلبية المطلقة من الأصوات، سوف يحمّل الواقفين وراءه المسؤوليّة الكاملة عن صناعة الفراغ في لبنان، لأنّهم، بمنع انعقاد الدورة الثانية، يحولون دون وصول مؤكد لشخصية تحظى بدعم الأكثرية المطلوبة دستوريًّا الى القصر الجمهوري.
ويذهب هؤلاء المراقبون الى أبعد من ذلك، إذ يؤكدون أنّ "الثنائي الشيعي"، في حال حصول أزعور على الأغلبية المطلقة من الأصوات في الدورة الأولى، قد يجد نفسه مضطرًّا الى فتح باب التفاوض الفعلي لملء الشغور الرئاسي ويتخلّى عن تصلّبه الحالي الذي يقوم على المعادلة المرفوضة وطنيًّا: "سليمان فرنجية أو ...الفراغ"!
وحتى لا يصل الى هذه النقطة الحسّاسة، يعمل "الثنائي الشيعي"، متوسّلًا إمكاناته الهائلة في الترغيب والترهيب، على خط تحييد المتردّدين الذين لا يستطيع استمالتهم الى مرشحه، على اعتبار أنّ التصويت لفرنجية أو لمرشّح ثالث أو بالورقة البيضاء هو تصويت له، إذ إنّ هدفه الأساس، في جلسة الغد، هو تخفيض عدد الأصوات التي يمكن أن ينالها أزعور، إلى أدنى حدّ ممكن.
وهذا يعني أنّ "الحلفاء السريّين" ل"الثنائي الشيعي" في جلسة الغد الرئاسية يتوزّعون على فئتين متكاملتين على الأرجح: النواب الذين يصوتون لمرشح ثالث أو بالورقة البيضاء، والنواب الذين سوف ينسحبون من الدورة الثانية لتطيير النصاب المتفق عليه.
وعليه، كيف يمكن إخراج لبنان من الفراغ الرئاسي؟
موفدو البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الى القوى السياسية اللبنانية، لم يطلبوا التصويت لأزعور أو لفرنجية، إنّما طالبوا بوجوب عدم تطيير نصاب الدورة الأولى وتلك التي تليها، مهما كانت النتيجة التي سوف ينتهي اليها التصويت.
ويردد "الثنائي الشيعي" أنّه سوف يمارس "حقه الدستوري" في تطيير نصاب الدورة الثانية، حتى يحول دون وصول أزعور الى رئاسة الجمهورية.
وقال "الثنائي الشيعي" على لسان مرشحه سليمان فرنجية إنّه لن يقبل عن رئيس "تيّار المردة" بديلًا إلّا بعد اتفاق يتم التوصل إليه في "مؤتمر وطني شامل"، وهذا يعني أنّه يرفض آلية الإنتخابات إذا كان يمكن أن توصل مرشح لم يحظ بموافقته المسبقة.
وهذا يفيد بأنّ منع "الثنائي الشيعي" من تحقيق غايته التي بات واضحًا أنّها تستهدف "اتفاق الطائف" لا بدّ من عدم الإنضمام الى "الثلث المعطل"، المانع للنصاب.
ومن جهة أخرى، فإنّ على النواب الذين يزعمون أنّهم ضد الإصطفاف مع "الثنائي الشيعي" أو ضدّه، أن يدركوا أنّهم، في الوجدان الوطني العام، هم يصطفون الى جانب "الثنائي الشيعي"، فورًا، بمجرّد تصويتهم لمرشح ثالث أو بالورقة البيضاء، لأنّهم بذلك يمنعون جلسة الغد من أن تنتج مفاعيلها، سواء لمصلحة أزعور أو فرنجية، ويساهمون في تهميش أنفسهم، في وقت لاحق، لأنّ "التوافق"
على رئيس للجمهورية، في الكواليس أو في مؤتمر وطني شامل، يعني ترك القرار للكتل الكبرى التي بتفاهمها تلغي "الأقليات النيابية" وتحوّلها الى هامشية من جهة أولى، بعد أن تكون فئات وازنة من المجتمع قد اتهمتها بالتواطؤ، من جهة ثانية.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أنّ هذه المجموعة من النواب هي "قيد الرصد" من أجل معرفة كيفية التعاطي معها في وقت لاحق.
ويكشف نائب "أبيض" ينتمي الى "نوّاب عكّار" أنّه وزملاءه لا يريدون اتخاذ قرار بمعزل عن "رغبة سعودية"، فإذا غابت هذه الرغبة فهم لن يصطدموا ب"الثنائي الشيعي"، خصوصًا وأنّ الماكينة غير الرسمية ل"تيار المستقبل" تخيّرنا بين فرنجية أو لا أحد!
ومهما كانت عليه الأمور، فمن الواضح أنّه، في ظل اتضاح مواقف القوى السياسيّة الأساسيّة، فإنّ إنتاجية جلسة الغد الإنتخابية تتوقف على مجموعة من النواب الذين يخشون على أنفسهم "إنتهازيًّا" من خيار أزعور و" شعبيًّا" من خيار فرنجية.
التعليقات