تمر اليوم ذكرى اليوم الوطني السعودي الذي يصادف 23 سبتمبر من كل عام، ففي هذا اليوم من عام 1932 صدر مرسوم ملكي يقضي بتغيير تسمية البلاد من «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» إلى «المملكة العربية السعودية»، وأصبح هذا التاريخ يومها الوطني المجيد وذكرى توحيد كيانها على يد مؤسسها وموحد أطرافها الملك الراحل عبد العزيزبن بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه، ليضع بذلك اللبنةَ القوية لهذا الصرح الكبير الذي أصبح اليوم دولة رئيسية تتزعم العالم العربي والإسلامي، مثلما أضحت محط إعجاب العالم بأسره. وهذه الذكرى تجسد بجلاء توحيد المجتمع السعودي وتجانسه وتناغمه واحتفاءه بوحدته الوطنية الصلبة المتماسكة.
تسعة عقود تعد فترة زمنية قصيرة في تاريخ الأمم والشعوب، لكنها بحساب الإنجازات السعودية تعد مرحلة عظيمة بنجاحاتها وما تحقق فيها من أحلام وطنية كبرى أصبحت حقيقةً على أرض الواقع تؤتي ثمارَها كل حين. والسعودية اليوم دولة رئيسية كبرى في العالم العربي ككل، وفي العالم الإسلامي أيضاً لما تحظى به مكانة روحانية بالنسبة للمسلمين في سائر أنحاء العالم.. والجميع يحتفي بيومها الوطني، لأهمية وجودها ودورها وتأثيرها، لأنها قِبلة المسلمين بالعالم ومهبط الوحي ووجهة الحجاج والمعتمرين والزوار من كل أصقاع المعمورة.
ومنذ قيام المملكة وتَرسُّخ ملامحها وهي تسير بخطى واثقة وقوية نحو النمو والتطور والنهوض في مجالات العمران والاقتصاد والتعليم والثقافة والإعلام والبنى التحتية والمرافق الخدمية.. يرفدها اقتصاد قوي متين ومؤثر، على نحو يليق بمكانتها الإسلامية وحضورها العربي وتأثيرها العالمي.وقد عرف عن المملكة سياستها الحكيمة المدروسة، إذ اعتادت في خضم الأحداث والأزمات أن تعمل بتروي ودون ضجيج ولا بهرجة على حل الخلافات وتجاوز الإشكاليات، وحين تتخذ القرار يكون قرارها حكيماً ومؤثراً بحجم مكانتها ودورها وموقعها المهم، لما تمثله من ثقل شامل وراسخ.
وعندما تتعرض الأمة العربية لأي هزة أو أزمة، يقف الجميع في انتظار قرار المملكة العربية السعودية، أي ما ستقوله وما ستفعله بشأن الأزمة أو الهزة، لذا تجد قرارَها قوياً ومؤثراً بين الأشقاء والأصدقاء وبقية دول العالم. لقد أصبحت المملكة الآن ضمن قائمة أقوى الاقتصادات في العالم، خاصة بعد أن سجلت إيرادات قياسية خلال الأعوام القليلة الماضية، ولهذا أصبحت السعودية محط أنظار العالم المتعطش لإنعاش اقتصاده المتعثر في أعقاب جائحة كورونا التي أثرت على اقتصادات الدول الصناعية والنامية معاً، علاوة على الحروب والكوارث التي أنهكت العديد من الاقتصادات المهمة.
ولعل ذلك ما يجعل المراقب يندهش من قدرة المملكة على تحصين نفسها من التأثر بالأزمات والكوارث القائمة في أنحاء العالم، وهو ما يدلل أيضاً على أنها استطاعت أن تنجح وتتجاوز كل الآثار المترتبة على هذه الأزمات والكوارث، وأن تقضي على الفساد والترهل الإداري، وأن تواجه الركود وتعالج مسار اقتصادها المحلي بشكل ذكي ومدروس يليق بسمعتها ومكانتها، وفق رؤية حصيفة وسياسة حكيمة. وكل هذا ناهيك عما تتمتع به المملكة من قوة ناعمة تعكس شمولية مورثها الثقافي الذي يشكل هويتَها العربية والإسلامية وحضورها البارز والمؤثر في الساحة الدولية.
*كاتب سعودي