كانت البداية، مثل أى بداية ساحرة وشبه مستحيلة، هى خيال علمى يصور الآلات وهى تسيطر على عالمنا. فى بعض اللحظات الخيالية، يدرك الإنسان المخاطر ويقرر تدمير الآلة قبل أن تسيطر بالكامل عليه. فى نهايات بعض أفلام الرعب المروعة، تنتشر الروبوتات لتقضى على البشر الذين أفسدوا الأرض، والذين يتسمون بقدرات عقلية ضعيفة وذكاء محدود، ويُلقبون بـ «الببغاء»، أى البشر، والذين أفسدوا الحياة.
هذا الخيال بدأ يتحقق، وكانت البدايات فى رؤية الروبوتات تؤدى الأدوار، سواء كانت حقيقية أم وهمية، وهم يحملون القهوة ويستقبلون الزوار. واليوم وصلنا إلى حقيقة مُذهلة، حيث أصبحت الروبوتات واقعًا.
وبينما كنت مشغولًا بمتابعة جلسات منتدى دبى للإعلام، حيث رفع الذكاء الاصطناعى راية السيطرة على جميع الجلسات والحاضرين، لاحظت تقريرًا يتحدث عن أول مديرة تنفيذية لشركة كبيرة، وهنا ليس هناك أى أشخاص بل كلهم آلات.
الروبوت الذى يُدعى «ميكا»، يقود اليوم شركة مشروبات كولومبية، لكنها لم تكتفِ بذلك بل أكدت أن الذكاء الاصطناعى (AI) يمكنه أن يدير تويتر- نعم، تويتر- وفيسبوك -أو ما أصبح يُعرف اليوم بميتا- بكفاءة تفوق بكثير إيلون ماسك ومارك زوكربيرج. وتتوقع أن يظهر المزيد من الرؤساء التنفيذيين مثلها فى جميع أنحاء العالم، مع اندماج الذكاء الاصطناعى فى عالم الأعمال.
ميكا تفتخر بأنها «تُغيّر قواعد اللعبة من أجل تحقيق الربح»، حيث تقدم مساهمة قيمة فى مجموعة من المجالات بما فى ذلك الاتصال والتخطيط الاستراتيجى، وبالنسبة لها، كروبوت، لا تتطلب زيادة فى الراتب أو حتى إجازة.
الذكاء الاصطناعى قادر على معالجة كميات ضخمة من البيانات؛ لتحسين العمليات واتخاذ القرارات استنادًا إلى الأنماط والخوارزميات، وهذا يمكن أن يؤدى إلى عمليات أكثر كفاءة وموضوعية لهذه الشركات. ومع ذلك، يجب تطوير ومراجعة خوارزميات الذكاء الاصطناعى بعناية لتجنب التحيز.
يُعتقد أن ميكا تستفيد من خوارزميات متقدمة وتعلم آلى لاتخاذ قرارات استراتيجية فى أعمالها. وعلى الرغم من بداية مترددة من بعض موظفيها فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعى، إلا أن ميكا تؤكد أنهم أدركوا سريعًا القيمة التى أضافتها لشركتهم. وتختم تلك القصة بتفاؤل حيال مستقبلها وتطورها كرئيس تنفيذى للذكاء الاصطناعى بعد عام من تولى المنصب.
لا أدرى كيف سنستقبل هذا الواقع؟، إلى أين نحن ذاهبون؟، إلى أى مدى سيصل التطور فى هذا المجال؟، وماذا نحن فاعلون؟، وكيف يمكن ضمان نزاهة وأمانة الروبوتات؟، الأكيد أنها دقيقة، لكن ماذا عن النمط القيمى الحاكم؟.
والسؤال المهم، كيف سيتعامل الموظفون مع المدير الجديد؟.
التعليقات