في 2021 كتبت مقالا بعنوان «روبلوكس» ناقشت فيه بالأرقام سوق الألعاب والمنصات الشهيرة، وبالأمس جاء إعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- عن إطلاق بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية وهو الحدث الأكبر من نوعه على مستوى العالم الذي تنظمه المملكة في الرياض سنويا ابتداء من صيف 2024، إذا ستكون هذه البطولة الأرضية الصلبة في الصناعات المتصلة بالألعاب والمباريات الدولية، وسيتذكر العالم في المستقبل أن هذه العاصمة الذكية هي الحاضن الأول لأصحاب العقول والمبدعين والعباقرة.

حينما ناقشت فكرة الألعاب ذكرت بأن هناك ثلاثة أمور يبحث عنها اللاعبون سواء أطفالا أو مراهقين في هذه النشاطات، وهي الاتصال مع العالم والشعور بالإنجاز والاستقلالية الذاتية، لعل استقرار البنية التحتية وجودة الاتصالات -ولله الحمد- في المملكة تساهم بشكل ملموس في الريادة المتوقعة ليس في الاستضافات فقط لكن بتفوق بنات وأبناء البلد في هذه المنافسات.. ورغم وجود تأخر في تصنيع منصات محلية بديلة أو موازية سواء للألعاب أو تطبيقات التواصل الاجتماعي توجد مشاريع ناشئة تستحق الدعم وبعقول وطنية ملهمة لكن لا نزال بحاجة للعمل وهذا أمر طبيعي، بل هي الخطوة الطبيعية بالفعل في رحلة المملكة لتصبح المركز العالمي الأول للألعاب والرياضات الإلكترونية كما صرح سموه -حفظه الله-.

«سنقدم تجربة لا مثيل لها، تفوق ما هو متعارف عليه» من كلمات سيدي ولي العهد.. في 2019 كتب المؤلف البريطاني ومهندس البرمجيات رايان روجرز كتابا بعنوان «فهم الرياضات الإلكترونية.. مقدمة للظاهرة العالمية» يقول في مقدمته حتى نفهم ماذا تعني الرياضات الإلكترونية نحتاج لفهم كيف تطور هذا المفهوم من خلال الباحثين والمطورين، حيث يعتبر أقدم معنى مفاهيمي لها من الباحث وانجرز في 2006 الذي نص على التعلم من الرياضات التقليدية سبقه تعريف تايديمان 2004 الذي اقترح أن الرياضة هي المنطقة التي يمرن ويطور الناس فيها عقولهم وأجسادهم سواء للتنافس أو اللعب وتداول المعلومات، لكن وانجرز أضاف: المنصات والاتصال والتقنية وأن اللاعبين عبر الإلكترونيات بحاجة للتقنيات الحديثة والتمرين المستمر. ويشير روجرز لعدم استقرار المفهوم بعد بين الباحثين ولكن بالمجمل أن الصناعة لا تزال شابة وفي 2017 فقط نشرت الصحافة هذا المفهوم والمختصر بكلمة «Esport» وهو بوصفه حقل مثير للاهتمام.

ولعلها ومنذ بدايتها في الخمسينيات، فإن ألعاب الفيديو قطعت شوطًا طويلاً؛ ومع هذا التقدم جاءت المزيد من الشعبية والطلب المتزايد والثقافة المتطورة. ولعل ألعاب القتال التي بدأت منذ عام 1976 والمنتجة عبر (سيجا) تبعها الكثير من الألعاب القتالية، والتي صنعت معاني من الجولات والشخصيات والقصص. وعلى غرار الرياضات الاحترافية التقليدية، شهدت ألعاب الفيديو تحولًا ثقافيًا حول هوامش ربحها المربحة وتكشف عن احترافية اللاعبين كفنانين/ رياضيين. بدأت الألعاب الاحترافية في الثمانينيات، حيث تنافس 10000 مشارك في بطولة Space Invaders. منذ ذلك الحين، تطورت ألعاب الفيديو من كونها مجرد وقت عادي إلى مهنة كاملة لبعض اللاعبين. وقد اجتذب مجتمع الألعاب الاحترافي الناتج انتباه رجال الأعمال الأثرياء، بما في ذلك عدد غير متناسب من الأسماء الرياضية الشهيرة، بما في ذلك نيويورك يانكيز، وغولدن ستايت واريورز، وماجيك جونسون، وروبرت كرافت، الذين اشتروا جميعًا الرياضات الإلكترونية. وهذا وفق بحث روبرت بويل المنشور في 2019 أيضا.

يؤكد الباحث توبيز سكولز أهمية هذه الألعاب كصناعة حيث قال: «كان ظهور الإنترنت واسع النطاق وتأسيس الاتحادات والفرق الأولى خلال التسعينيات من المعالم الحاسمة لتطوير صناعة الرياضات الإلكترونية. وضع دخول منصة البث المباشر Twitch في عام 2011 الأساس للتطور كرياضة للمتفرجين؛ ومع ذلك، كانت السنوات الأخيرة بالفعل وقتًا للنمو الهائل بالإضافة إلى الفرص التجارية المحتملة».

نعم هي رياضات للأذكياء وسريعي التعلم ولعلها بالفعل تشبه واقعنا اليوم، لعل رسالتي الأخيرة للمجتمع اليوم أن يكونوا مستعدين لهذه الفعالية الرائعة وتهيئة الأبناء والبنات للدخول كمنافسين وتمثيل وطنهم خير تمثيل، بل لعل المدارس أيضا تجتهد في تقريب المسافات الفاصلة بين الأطفال وتحقيق رؤيتهم، ودام عزك يا وطن.