حتى مساء الخميس الثامن والأربعين من بداية الحرب الفلسطينية ضد الصهيونية بلغ العدد 3222 بين قتيل وجريح في جيش الكيان، وتمت ملاحظة أن الأعداد خلال الأيام الثمانية الأخيرة تضاعفت عما سبقها من أيام ويرى المحللون والمتابعون أن الأعداد أيضا ستتضاعف أكثر بعد العودة للمواجهة عقب انقضاء مدة الهدنة حيث سندخل مرحلة كسر العظام بما قد يزيد العدد إلى سبعة آلاف خلال عشرة أيام ويتضاعف الضعف في حال استمرت الحرب.

لا شك أن كثيراً من القراء العرب قد يرى أن ضخامة العدد ربما مبالغ فيها لكن الأمور أصبحت تبنى بشكل دقيق من خلال رصد الأقمار الاصطناعية ومن خلال مهمات الإخلاء الطبي من أرض المعركة ومن خلال أعداد عربات نقل الجنود والدبابات ومدى الإصابة وأثرها على من في الداخل، على سبيل المثال ناقلة الجند تضم ما بين 11 إلى 15 عسكريا وفي حال إصابتها فإن التحليل يعتمد على 1 مقابل 5 بمعنى كل خمسة إصابات بينهم واحد قتيل ويعزز ويؤكد ذلك متابعة حركة الإخلاء الطبي، وعلى كل حال فقد اعترفت المشافي داخل الكيان بإصابة 1600 عسكري بإعاقة دائمة إضافة إلى 400 جروح خطيرة مضاف لعدد 400 قتيل ليصبح المجموع 2400 غير أن خطورة الحرب زادت خلال الثمانية أيام الأخيرة أي بعد تسريب المشافي داخل الكيان عن تلك الإحصائية بما يزيد على الضعف للناتج اليومي في القتلى والمصابين بما أنتج حسب تحليل المتابعين للوصول للرقم 3222 .

بعد انقضاء الهدنة وعودة إطلاق الرصاص يكون الكيان الصهيوني دخل مرحلة كسر العظم الذي يجعل عدد الإصابات قتلا وجرحا هو الغاية اليومية من الحرب، ولا بد هنا من القول إن الفارق في الإمكانات بين الطرفين المهاجم والمقاوم ينتهي ويخرج فورا طالما أن الحرب من مسافة الصفر ليكون الفارق بين القوتين هو في الأكثر اندفاعا وشجاعة وتضحية وهذه ليست تقنية مصنعة أو مستوردة، وهو سلاح يفتخر بالدم العربي والإسلامي، وإن قيل إن هذه مبالغة، ثم إن قهر الاحتلال والحصار وقد وجد نافذة مثالية لتفجير هذا القهر في وجه عسكر يدخلون الحرب دون غاية أو هدف محدد بأكثر من القضاء على قوة حماس التي أفجعتهم فجر السابع من أكتوبر حتى خلقت في قلوبهم الرعب بهول تخيل ما حدث كل ذلك يجعل مرحلة كسر العظم كارثة بكل المقاييس على الكيان الصهيوني.

من الصعب جدا العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر دون تغير واضح في المشهد، والهدف أو الخيار الذي تراه الولايات المتحدة الأمريكية أنه لا بد من استحداث قيادة فلسطينية جديدة، ورغم أن كل هذه قراءات أو رغبات لرسم صورة ما بعد سبعة أكتوبر إلا أن الجانب الآخر أو الطرف الآخر ليس ميتا أو يمكن أن يموت، ذلك أن مقاومة الاحتلال أين ما كان أمرا طبيعيا وغريزيا في الإنسان بل حتى الحيوان لذلك وللواقعية فلا بد أن يكون للطرف الآخر أي المقاومة دور رئيسي في رسم الصورة سواء بقدرتها الذاتية وهو أمر جار ولا زال يؤتي ثماره ويكلف الكيان أثمانا باهظة تتضاعف باستمرار أو أن ينضم إليه دعما خارجيا يخلط الأوراق وتضطرب معه الصورة، والمؤكد ان الحال لن يستمر على وضعيته الحالية بل سنجد ان ما مضى خلال 48 يوما ليس إلا تمهيدا وتحشيدا لانفجار آخر مختلف.

هذه الهدنة التي حددت بأربعة أيام ستكون بمثابة إعادة التموضع ليس لطرفي الحرب ولكن للأطراف الأخرى المعنية بما يجري، فتح المعبر وإدخال الأغذية والدواء والوقود ونقل الجرحى والمصابين وإدخال مشاف عن طريق المعبر وكذلك عن طريق البحر كل هذه تجري الآن على قدم وساق وهي بصورتها الظاهرية تبدو مهام إنسانية وهي كذلك إلا أنها بمثابة الجسر الذي قد تدخل معه أو من خلاله المحركات الأخرى للدعم والإسناد لكلا الطرفين، بل إن غواصات تركية وروسية أصبحت اليوم في مياه غزة للحيلولة عن وصول القوة الأمريكية للسيطرة على ميناء غزة، كما أن تعاونا عسكريا تركيا روسيا يسمح لتركيا بالوجود في طرطوس خبر تم تداوله منذ أيام، وبالمختصر ودون مزيد في الشرح فإن الحروب العالمية لا تبدأ هكذا فجأة وإنما تحتشد وتأخذ مواضعها ثم تنتظر أدنى المبررات حين تبدو الفرصة مواتية لتبدأ عمليات الاحتكاك التي تتصاعد لنصل إلى حرب واضحة مكشوفة.

ما يجعل احتمال تفجر الوضع إلى ما يدخل المنطقة في تشكل جديد هو أن العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر أمر صعب ولن يكون ثمنه فقط سقوط نتن ياهو وهو قد سقط منذ ذاك الفجر ولكن سقوط الجيش أو القوة العسكرية وهو ما يعني سقوط الكيان الأمر الذي لن يكون إلا وفق عمليات جراحية بين أطباء متضادين في الرأي والرؤية، على أنه لا بد من الواقعية أيضا والإقرار بأن احتمال تدمير قوة حماس أمر ممكن والقبض على كثير من قيادات حماس أمر أيضا ممكن لكن ذلك لن يكون إلا بوقت طويل وخسائر باهظة قد تدمر الكيان من داخله دون تدخل من أحد، وهذه أحد أهم الصعوبات التي تواجه الكيان بعد أن ضمن الهدوء على الحدود باستثناء مناوشات على الحدود اللبنانية، وبالتالي أصبح الوقت وكلفة العمليات أخطر سلاحين بيد المقاومة والحياة والموت للكيان الصهيوني، طبيعي جدا أن يعرف العالم كله أنه لا أمل اطلاقا وابدا لتفاهم سياسي مباشر بين حماس والكيان، هذا أمر مستحيل ومعلوم أيضا أن السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تحل محل حماس في غزة أو حتى ان تتحدث نيابة عنها، والأمر كذلك فما هو المخرج؟

المخرج هو تبادل للأسرى الكل مقابل الكل كما أعلنت المقاومة منذ أول يوم وساعتها يحفظ النصر للمقاومة والهزيمة للكيان ويدون في التاريخ لتبدأ الانشقاقات والفوضى داخل الكيان والله وحده اعلم بما ستؤول بعد ذلك الأمور.