فازت المملكة العربية السعودية بفرصة تنظيم إكسبو في عام 2030، ولم يكن فوزاً عادياً، وإنما كان مميزاً فقد صوَّت بجانب المملكة مائة وتسع عشرة دولة، بينما لم يصوِّت للدولتين المنافستين مجتمعتين سوى ست وأربعين، وهذا بلاشك له دلالته الواضحة والجلية، والتي تعني الكثير لقيادة المملكة الحكيمة، وللشعب السعودي الكريم.

لم يكن ذلك النجاح المميز وليد صدفة، وإنما كان عنواناً بارزاً لمكانة المملكة العالمية من الناحية السياسية، والاقتصادية، والاستثمارية، والأمنية، وركيزة ذلك الاستقرار، وتلاحم القيادة والشعب، والانفتاح على ثقافات العالم، والاستفادة منها بقدر ما يتناسب مع ثوابت المملكة، وطموحها وآفاقها المستقبلية.

المملكة لديها علاقات جيدة مع الدول المحبة للسلام والخير، ولا يمنعها من توثيق تلك العلاقات المكان الجغرافي، أو الاختلاف الثقافي، أو العرق، أو اللون، أو القدرة العسكرية، والإمكانات الاقتصادية، طالما أن تلك الدولة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، وليس لها أطماع معينة، وهي من أكثر الدول دعمًا للدول المحتاجة، كما أنها في مقدمة الدول المانحة للمساعدات في أوقات الكوارث الطبيعية، أو غير الطبيعية، وربما أنها الأولى نسبة إلى الدخل الوطني، الذي يتصاعد في كل عام، والمملكة وسيط يعول عليه في فك النزاعات سواء في منطقتنا، أو في العالم أجمع، وتحرص على أخذ موقف متوازن في الصراعات الدولية، كما أنها تقف مع الحق ضد المعتدين، كما هو موقفها فيما يخص القضية الفلسطينية، ولا ننسى وجود الحرمين الشريفين قبلة مليارين من البشر على أرض المملكة، ولهذا فلها مكانة خاصة في قلوب المسلمين. هذا وغيره جعل المملكة تتمتع بمكانتها الخاصة والمميزة، وهذا بدوره سهَّل على المملكة نيل ما نالته من فوز عريض.

لقد بذلت المملكة جهداً كبيراً، واستثنائياً لنيل هذا التنظيم، فكانت الوفود تسابق الزمن، وتقطع المسافات ذهاباً وإياباً طمعاً في تأييدها، الذي تحقق، وكانت الحجج واضحة لطرح أحقيتها في التنظيم، ولمعرفة الدول بقدرة المملكة في جميع المجالات فقد صوتت الأغلبية الساحقة إلى جانبها، فتلك الدول تعلم أن المملكة لديها إمكانات تنظيمية ومالية، واستقرار وأمن يهيئ لنجاح هذا التجمع الاقتصادي الكبير.

ورؤية المملكة العالمية تشمل إكسبو 2030، ومن المناسب الاقتباس من كلمة صاحب السمو الملكي ولي العهد -حفظه الله- بمناسبة فوز المملكة بتنظيم المعرض حيث قال حفظه الله: (يأتي فوز المملكة باستضافة معرض إكسبو 2030 ترسيخا لدورها الريادي والمحوري والثقة الدولية التي تحظى بها والذي يجعل منها وجهة مثالية لاستضافة أبرز المحافل العالمية، حيث يعد إكسبو واحداً منها، وأكد سموه عزم المملكة على تقديم نسخة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ إقامة هذا المحفل العالمي بأعلى مراتب الابتكار والإسهام بأداء دور فاعل وإيجابي لغد مشرق للبشرية).

وهنا تبرز النظرة العالمية لسموه فهو يتحدث عن ما يفيد البشرية جمعاء، فسوف يكون المعرض لبنة في مجال خدمة الإنسان من خلال تطوير التقنية، وزيادة التبادل التجاري، وتمازج الثقافات، والحفاظ على كوكبنا الذي نعيش فيه، فهو بهذا لن يكون تجاريًا فحسب، بل يتعدى ذلك إلى مفهوم إنساني وبيئي متكامل من خلال استخدام التقنية، وتبادل الخبرات العالمية.

لاشك أن الوطن سوف يستفيد فائدة كبيرة من هذا المعرض العالمي، فسوف تأتي معظم شركات العالم، والشركات المحلية لعرض منتجاتها، وأحدث ما وصلت إليه من تقنية وإبداع، كما ستعقد صفقات كبيرة على هامش المعرض، لتعزز التبادل التجاري العالمي، وستصبح الرياض محطة للتنافس بين الشركات العملاقة القادمة من الشرق والغرب، وسيعد الجميع عدته قبل القدوم إلى هذه الأرض المباركة.

سيكون للمواطن نصيب من الفائدة المرجوة من هذا التجمع العالمي، فسوف تتوفر وظائف مؤقتة، سيتمكن المواطن من تعريف العارضين والزائرين بما لديه، ومن المتوقع أن يزور المعرض أربعون مليون فرد من كل دول العالم، وهذا العدد الهائل يحتاج إلى خدمات كثيرة من إيواء، وغذاء، ودواء، ومواصلات، وغيرها من الخدمات.

سيكون المعرض مسرحاً واسعاً للتعريف بالمملكة ورؤيتها، وما تعيشه من تطور في جميع المجالات من بنية تحتية، وتعليم، وخدمات مميزة، ونهضة عمرانية فائقة، كما أنها فرصة لتعريف الآخرين بالثقافة السعودية الحديثة المنفتحة على العالم التي هي جزء منه، وسوف ترسخ علاقات دائمة بين الزائرين والمملكة، وبين المواطن السعودي والوفود القادمة، سواء للعرض أو لزيارة المعرض، ولاشك أن هذا سوف يعود بالفائدة على الوطن والمواطن، وفق الله ولاة الأمر، وحفظ هذا الوطن من كل مكروه.