رغم أنَّ معرض جدَّة للكتاب، هو رابع المعارض التي شهدتها المملكة على مدار العام، بعد معرض الرياض، والمدينة المنوَّرة، والشرقيَّة، إلَّا أنَّه «معرض غير»، ومن المعارض ذات المذاق المعرفيِّ والثقافيِّ المختلف، حيث تحرص هيئة الأدب والنشر والترجمة ضمن مبادراتها الإستراتيجيَّة، على جعل المعرض حدثًا سنويًّا يشجِّع على التبادل الثقافيِّ، ويعمل على تمكين صناعة الكتب والنشر، ليكون محطة أدبيَّة تثري المشهد الثقافيَّ السعوديَّ بشكل عام.

وأهم ما يميز معرض جدة للكتاب هو انعقاده في بيئة ثقافية ثرية، ولذلك فهو يخلق حالة مميزة من التفاعل والزخم، ويحفز شغف القراءة والوعي الثقافي والأدبي والفني في المجتمع، عبر تشجيع الأفراد على اقتناء الكتب، وإشباع الميول الأدبية والثقافية، وحضور الفعاليات والندوات وورش العمل، والعروض واللقاءات الثقافية والأدبية والفنية المصاحبة للمعرض.

ولا شكَّ أنَّ معرض جدَّة للكتاب أصبح نافذةً ثقافيَّةً تجمع صنَّاع الأدب والنشر والتَّرجمة من المؤسَّسات والشَّركات المحليَّة والدوليَّة، مع المبدعين والقرَّاء والمهتمِّين، وذلك عبر أكثر من 400 دار نشر محليَّة وعربيَّة وعالميَّة؛ ممَّا يُسهم في دعم الكتاب وتشجيع انتشاره، وتعزيز أثر القراءة ودورها في زيادة الوعي، واستدامة صناعة النَّشر، وتمكين النَّاشرين والتَّعاون معهم، بما يسهم في النموِّ الاقتصاديِّ، وتعزِّز مكانة المملكة دوليًّا، بجعلها بوابةً عالميَّةً لقطاع النَّشر، وتشجِّع التبادل الثقافيَّ، إلى جانب أهدافه المرتبطة بجعل الثقافة نمط حياة لفئات المجتمع المختلفة.

والمتابع لرؤية وزارة الثقافة السعوديَّة -خلال السنوات الأخيرة- عبر أنشطتها المتعدِّدة، سيلحظ الهدف الذي تسعى إليه بترسيخ الثقافة السعوديَّة محليًّا، ونقلها إقليميًّا وعالميًّا، حتَّى يتعرَّف العالم على ما يحمله مجتمعنا من ثقافة وأدب وفكر وحضارة، وهو ما تشارك فيه معارض الكتاب التي تنظِّمها هيئة الأدب والنشر والترجمة على مدار العام، في مناطق مختلفة بالمملكة، والتي تخلق نشاطًا ثقافيًّا يواكب رؤية السعوديَّة 2030، وهي الرؤية الدَّاعمة لصناعة الثَّقافة باعتبارها من مقوِّمات جودة الحياة، والدَّافعة لعجلة التحوُّل الثقافيِّ التي يحرِّكها الشعبُ السعوديُّ عبر السنوات الأخيرة، بوعي وثبات، يؤكِّد عمق ثقافته ورسوخ هويته.