اليوم‭ ‬هو‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ديسمبر،‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬يقرع‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬أجراس‭ ‬الوطنية‭ ‬والحب‭ ‬والفخر‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بوطننا‭ ‬الغالي‭ ‬بلاد‭ ‬الخير‭ ‬والطيبين،‭ ‬بلاد‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬ورغم‭ ‬الاختلاف،‭ ‬بلاد‭ ‬الحب‭ ‬والعطاء‭.‬

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬موطننا‭ ‬ووطننا‭ ‬وملاذنا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬التاريخ،‭ ‬ممتطيا‭ ‬الصدارة‭ ‬والتميز،‭ ‬واستمر‭ ‬في‭ ‬تطوره‭ ‬وتقدمه‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬نماء‭ ‬وتقدم‭ ‬وتطور،‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬تتغنى‭ ‬به‭ ‬الكلمات‭ ‬ويخلُد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬التاريخ‭ ‬وفي‭ ‬الذاكرة‭ ‬الشعبية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الكلمة‭ ‬أحد‭ ‬الأوعية‭ ‬التي‭ ‬تحفظ‭ ‬التاريخ،‭ ‬لذا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأغاني‭ ‬الوطنية‭ ‬تمتد‭ ‬وتستقر‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الشعب‭ ‬لتصبح‭ ‬من‭ ‬موروثه‭ ‬الشعبي‭ ‬بمضي‭ ‬الوقت،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الأغاني‭ ‬الوطنية‭ ‬قد‭ ‬تتحول‭ ‬يوما‭ ‬فتُصبح‭ ‬نشيدا‭ ‬وطنيا،‭ ‬كقصيدة‭ (‬موطني‭) ‬مثلاً‭ ‬للشاعر‭ ‬إبراهيم‭ ‬طوقان‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬نشيدا‭ ‬وطنيا‭ ‬آخر‭ ‬لجمهورية‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬احتلاله،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬نشيدا‭ ‬وطنيا‭ ‬عربيا‭.‬

ويعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬أولى‭ ‬اهتماما‭ ‬وتشجيعا‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬جلالته‭ ‬للأغنية‭ ‬الوطنية‭ ‬وقد‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتعزيز‭ ‬وجود‭ ‬ودور‭ ‬الأغاني‭ ‬الوطنية،‭ ‬وقد‭ ‬أصدر‭ ‬توجيهاته‭ ‬الملكية‭ ‬بشأن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها،‭ ‬لتكون‭ ‬الأغنية‭ ‬الوطنية‭ ‬خالدة‭ ‬وتحظى‭ ‬بمكانتها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأوقات‭ ‬وليست‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬فقط،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬الأغاني‭ ‬الوطنية‭ ‬هي‭ ‬أغان‭ ‬مناسباتية‭ ‬فتنشط‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬وتخلد‭ ‬إلى‭ ‬السبات‭ ‬بعدها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الوطن‭ ‬هو‭ ‬حبّ‭ ‬يتماهى‭ ‬في‭ ‬مشاعر‭ ‬المواطن‭ ‬ولا‭ ‬يرتبط‭ ‬بمناسبة‭ ‬معينة‭ ‬للتعبير‭ ‬عنه‭ ‬فيها‭.‬

وبالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أغنية‭ ‬وطنية‭ ‬متكاملة‭ ‬الأركان‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬بمكان،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬معطيات‭ ‬متجانسة،‭ ‬كتلك‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬فيها‭ ‬الأغاني‭ ‬البحرينية‭ ‬الجميلة‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينيات‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشاعر‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬وكيلا‭ ‬لوزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬واحتضن‭ ‬ببساطته‭ ‬ووطنيته‭ ‬مجموعة‭ ‬الشعراء‭ ‬والملحنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬آنذاك،‭ ‬فولدت‭ ‬أجمل‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬الغنائية‭ ‬البحرينية،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬إنجاب‭ ‬عمل‭ ‬بحريني‭ ‬صرف‭ ‬ومتكامل‭ ‬يُضاهيها‭ ‬أو‭ ‬يُشبهها‭ ‬حتى‭. ‬

ويهمني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬جديد‭ ‬صدر‭ ‬بمناسبة‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ (‬لا‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬كلماتي‭) ‬ولكن‭ ‬لما‭ ‬لمسته‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬بُذلت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ملحنه‭ ‬ليسابق‭ ‬الزمن‭ ‬ويصدره‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ ‬البحرين‭ ‬2023،‭ ‬حيث‭ ‬عكف‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني‭ ‬الشاب‭ ‬محمد‭ ‬العبيدلي‭ ‬على‭ ‬الاشتغال‭ ‬على‭ ‬نص‭ ‬متواضع‭ ‬كتبته‭ ‬ولكنه‭ ‬استعذب‭ ‬كلماته‭ ‬واشتغل‭ ‬على‭ ‬تلحينها‭ ‬ثم‭ ‬بذل‭ ‬جهوداً‭ ‬لكي‭ ‬يبرزه‭ ‬كعمل‭ ‬فني‭ ‬متكامل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إمكانيات‭ ‬متواضعة‭ ‬جداً،‭ ‬حتى‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يطرحه‭ ‬في‭ ‬الميعاد‭ ‬المرجو‭.‬

وما‭ ‬يهمني‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طرحي‭ ‬لعمل‭ ‬العبيدلي‭ ‬الفني،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المواهب‭ ‬الشابة‭ ‬البحرينية‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬واحتضان‭ ‬وتشجيع،‭ ‬ليكون‭ ‬لكل‭ ‬مرحلة‭ ‬تاريخية‭ ‬جيلها‭ ‬الذي‭ ‬يمثّل‭ ‬التجربة‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬موهبة‭ ‬رفيعة‭ ‬وعالية‭ ‬وهم‭ ‬فقط‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬يدّ‭ ‬تمتد‭ ‬إليهم‭ ‬لتدعمهم‭ ‬وتمنحهم‭ ‬الفضاء‭ ‬الذي‭ ‬يُمكنهم‭ ‬التحليق‭ ‬فيه‭ ‬بأريحية‭ ‬وأمان‭ ‬لتقديم‭ ‬مقطوعات‭ ‬وأعمال‭ ‬فنية‭ ‬رائعة‭ ‬ترفع‭ ‬اسم‭ ‬البحرين‭ ‬عالياً‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفني‭ ‬الموسيقي‭ ‬والغنائي‭ ‬وتحفظ‭ ‬للمرحلة‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬الارتباط‭ ‬بها‭ ‬والخلود‭ ‬فيها،‭ ‬ويحضرني‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬العبيدلي‭ ‬والفنان‭ ‬محمد‭ ‬المرباطي‭ ‬والفنان‭ ‬حسين‭ ‬الأعسم‭ ‬والفنان‭ ‬إسكندر‭ ‬الجودر،‭ ‬وجميعهم‭ ‬أسماء‭ ‬مبدعة‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بفرصة‭ ‬مناسبة‭ ‬تبرز‭ ‬إبداعهم‭ ‬للعلن‭ ‬والعيان،‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬الدولة‭ ‬موضوع‭ ‬دعمهم‭ ‬وتفريغهم‭ ‬للإبداع‭ ‬الفني‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬للكلمة‭ ‬والمغنّاة‭ ‬منها‭ ‬بالتحديد‭ ‬أثرا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬ثقافة‭ ‬الإنسان‭ ‬وتوجيه‭ ‬عواطفه،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يغفل‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬الأغاني‭ ‬الوطنية‭ ‬القديمة‭ ‬والتي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬خالدة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأجيال،‭ ‬إذاً‭ ‬تعزيزاً‭ ‬للوطنية‭ ‬يجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بدور‭ ‬الأغنية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الوطنية‭ ‬وحب‭ ‬الوطن‭.‬

وكل‭ ‬عام‭ ‬ومملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬بحرين‭ ‬الخير‭ ‬والعزّ‭ ‬والأمان‭ ‬بخير‭ ‬ورخاء‭ ‬وسلام،‭ ‬وهذه‭ ‬تحية‭ ‬مباركة‭ ‬أرفعها‭ ‬إلى‭ ‬مقام‭ ‬مليكنا‭ ‬المعظم‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ولمقام‭ ‬أم‭ ‬البحرين‭ ‬وسيدتها‭ ‬الأولى‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وإلى‭ ‬مقام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ - ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬حفظهم‭ ‬الله‭ ‬ورعاهم‭ ‬وإلى‭ ‬عموم‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬الوفي‭ ‬الأصيل‭. ‬

وبالمناسبة‭ ‬فكلمات‭ ‬الأغنية‭ ‬تقول‭:‬

حضنك‭ ‬برايح‭ ‬عشق،‭ ‬ضمّيني‭ ‬في‭ ‬حضنك

أشتاق‭ ‬لك‭ ‬وأنت‭ ‬في‭ ‬صدري،‭ ‬أشتاق‭ ‬لك‭ ‬يا‭ ‬ضوى‭ ‬عيني‭ ‬

أشوفك‭ ‬بناظري‭ ‬ويشوفك‭ ‬قليبي‭ ‬

وأحسّ‭ ‬حبك‭ ‬سماي‭ ‬وماي‭ ‬يرويني‭ ‬

يا‭ ‬ديرة‭ ‬أهل‭ ‬الوفا‭ ‬والهولو‭ ‬واللولو‭ ‬

لْتروي‭ ‬ظما‭ ‬هالبحر‭ ‬من‭ ‬ماي‭ ‬لحنيني

أفدي‭ ‬سنين‭ ‬العمر‭ ‬من‭ ‬حبّي‭ ‬لعيونك

ولا‭ ‬قلت‭ (‬بحريننا‭) ‬بانت‭ ‬عناويني‭ ‬

يا‭ ‬جارةٍ‭ ‬للبحر،‭ ‬سَمعّي‭ ‬البحر‭ ‬صوتك

وقولي‭ ‬في‭ ‬طيبة‭ ‬هلي‭ ‬لي‭ ‬زاد‭ ‬يكفيني‭ ‬

أشوفك‭ ‬بناظري‭ ‬ويشوفك‭ ‬قليبي‭ ‬

وأحسّ‭ ‬حبك‭ ‬سماي‭ ‬وماي‭ ‬يرويني

وأشمّ‭ ‬ريحة‭ ‬هلي‭ ‬عود‭ ‬وعطر‭ ‬فايج

وأقول‭ ‬وكلّي‭ ‬فخر‭ ‬هالطيب‭ ‬بحريني‭ ‬