- هوس التصوير متواصل ليلاً ونهاراً، ولا يكاد يتوقف على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وكاميرات الهواتف الذكية نراها تدور في كل صوب وناحية باحثة عن كل جديد، وضاع بسبب ذلك ما كنا نسيمه «الخصوصية»، وفقدت البيوت الكثير من أسرارها وهبيتها.
- وأنه من الملاحظ أن تقليد الآخرين والجري الحثيث لالتقاط الصور وتسجيل المقاطع المرئية لمشاركته مع المتابعين صار هو الشعار العام، وهو الأهم، حتى أصبح قلقا ملازما لدى بعض.
- ولأن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة بشكل عجيب ومتسارع، فلعلنا نعرض ونناقش بعضا من النقاط الهامة في هذا الموضوع، منها أنها تحولت لدى البعض من تسلية أو متعة إلى إدمان وعادة لا تنفك عنه في معظم الأوقات والأزمنة، وفي مختلف المناسبات الخاصة والعامة.
- ولا بد أن ننوه في البداية أنه من الضروري مراعاة الآخرين في حال التصوير في الأماكن العامة، فحريتك في التصوير تقف عند خصوصية الآخرين.
- ومن النقاط المهمة هو التمحيص والمراجعة قبل الاستعجال في نشر أي صورة أو مقطع مرئي، فليس المهم الشهرة أو زيادة المتابعين، بل المهم هو المصداقية وحسن المحتوى، والحرص على الكيف لا الكم.
- ولا بد من التأكيد أن يكون على رأس الأولويات المحافظة على الخصوصية العائلية والأسرية، والتي حين نتساهل فيها قد تؤثر على حماية وسلامة الأسرة وخاصة الأطفال.
- وللمعلومية، فإن الأصل أن ليس كل شيء قابل للتصوير والنشر، بل على العكس لابد من التأني في مشاركة المحتوى المفيد أو المميز، والذي يحمل قيمة وإضافة للآخرين.
- إن التصوير هو مهارة وموهبة، ولا يشترط أن الكل يمتلكها، فلعل البحث عن الموهبة في مجال آخر هو أفضل وأنفع.
- ولابد من الإشارة إلى أن بعضا من أعمال الخير ليست للفرجة أو التباهي أو قابلة للعرض، فقد تفقد بسبب ذلك الأجر والأثر.
- ويجدر التذكير أيضا إلى أن تصوير الهدايا والعطايا خصوصا الأسرية يفتح الباب الحسد والمقارنات. ويضاف إلى ذلك أن كثرة تصوير الأطعمة والنعم ينكأ جرح الفقير، ويؤلم المحتاج وذو الفاقة.
- ومن الضروري أن يكون لنا عالمنا المنعزل الذي نعيشه فيه بعيدا عن أعين الناس، وعن تعليق المتابعين، وعن نظرات المتطفلين. فالأحاسيس والمشاعر من الفرح والحزن، والمتعة والألم هي حالات ومواقف خاصة وليست للمشاركة مع كل من هب ودب!
- في أحيان كثيرة متعة الحديث في بعض الرحلات أو المجالس الخاصة هي أهم من ضياع الوقت في التقاط الصور، فتلك اللحظات الإنسانية قد لا تعود مرة أخرى.
- إن الحرص على الشهرة أو زيادة المتابعين ليس مسوغا للتصوير كل شيء أو أي شيء، فما تنشره اليوم قد تندم عليه غدا!
- من المهم أن نعي أن اللحظات والذكريات الخاصة مع المقربين والأصدقاء تفقد معناها ومتعتها حين نعرضها للعالم أجمع.
- أكد أجزم أنه حين نصور ونسجل معظم ما نقول ونفعل سيصاب المجتمع بالتخمة، واللامبالاة، وكما قيل: كثرة المساس تفقد الإحساس.
- إن البحث عن الجديد والشهرة ليس مسوغا في أن تنقل كل ما ترى وتسمع، فقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».
- وأخيرا، فأنه لمن المؤسف أن الخلوات والصلوات والعبادات صارت أيضا مادة دسمة للتصوير والتسويق والتشويق، فماذا بقي لنا؟!